كيفية الرضاع! الأصل أنها الامتصاص: أن يمسك الثدي بشفتيه، ثم يمص، وإذا ولد الطفل ألهمه الله أن يمص؛ ليكون ذلك المص كغذاء له إلهاماً من الله، فالأصل أن الرضاع: هو الامتصاص بالفم، فإذا انصب اللبن في فمه ابتلعه.
وألحقوا به غيره، فألحقوا به السعوط، فلو جعلت اللبن في إناء، وأدخلت قصبة في أنفه، وصببت مع تلك القصبة إلى أن وصل إلى حلقه وابتلعه فهذا يسمى سعوطاً، وبه يصدق عليها أنها أرضعته؛ لأن هذا اللبن وصل إلى جوفه ولو من غير الفم، يعني: دخل من المنخر أو المنخرين، فيكون غذاءً يتغذى به، فهذا هو السعوط.
والوجور: إذا جعلت اللبن في إناء صغير، وذلك الإناء قد يكون له ثعبة ينصب منها اللبن، فجعلت الثعبة في شقه، وصبت من تلك الثعبة ذلك اللبن، أصغت الإناء الذي فيه الثعبة حتى انصب من الثعبة في جوفه، هذا يسمى الوجور.
ولبن الميتة: لو قدر أن امرأة ميتة وكان فيها لبن، وارتضعه الطفل، فارتضع منها خمس رضعات، صدق عليه أنه ارتضع من لبنها؛ وذلك لأنه يغذي، ولو كانت قد ماتت.
ولبن الموطوءة بشبهة: امرأة وجدها رجل على فراشه وظنها امرأته فوطئها وحملت منه وولدت، فذلك الولد ينسب إلى ذلك الواطئ لأنه يعترف بأنه منه، وإن كان محرماً عليه وطؤها وليست زوجة له، ولكن لم يكن متعمداً؛ ولبنها يحرم؛ لأنه لبن امرأة جاء عن حمل، وتكون أماً لمن أرضعته، وصاحب اللبن الذي وطئها يكون هو أبا ذلك الطفل الذي ترضعه.
ويحرم المشوب المخلوط، الشوب: هو خلط اللبن بماء، تذكرون، يقول بعض الشعراء يفتخر بالعلم: هذا الفخار لا قعبان من لبن شيبا بماء فعادا بعد أبوالاً يعني: أن الافتخار والشرف يكون بالعلم لا بهذا اللبن الذي يشاب بالماء.
والقعب: هو ما يصب فيه اللبن يحتقن في السقاء ونحوه، فإذا كان اللبن مشوباً بماء، ثم امتصه هذا الطفل خمس مرات صدق عليه أنه قد رضع من لبن هذه المرأة، فمثلاً إذا حلبته في هذا الكأس، ولما حلبته كان قليلاً فصبت عليه ماءً، ثم شربه ذلك الطفل، أليس قد تغذى بلبنها؟ لا شك أنه تغذى غذاءً كافياً، يعني: شبع أو ارتوى منه.
وكذلك لو صبته في الرضاعة التي يرضع منها الأطفال اليوم، وغالب النساء اليوم لا ترضع ولدها، إنما تأخذ له من اللبن الصناعي، ثم إذا صبته في الإناء صبت عليه ماءً، وحركته، ثم صبته في تلك القارورة التي لها مثل الحلمة، ثم ترضعه للطفل، فلو أن امرأة حلبت من لبنها في تلك القارورة، وارتضع الطفل من الحلمة كما يرتضع من الثدي، صدق عليه أنه ارتضع من لبنها إذا تم خمس رضعات.