انتهى ما يتعلق بالعدد، وبقي الإحداد، وتعريفه: هو ترك المرأة للزينة، وكل شيء يدعو إلى النظر إليها، ويرغب في نكاحها، وهو مما جاءت به السنة وإن لم يذكر في القرآن، فقد جاءت السنة بإحداد المرأة إذا مات زوجها، فلا تحد على أبيها، ولا على ابنها، ولا أخيها أكثر من ثلاثة أيام، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تحد على ميت فوق ثلاث، إلا على زوج أربعة أشهر وعشراً) فخص الزوج لأنه هو الذي تحد عليه أربعة أشهر وعشراً.
فيجب أن تحد على الزوج إذا مات وهي في ذمته، وأما إذا طلقت طلاقاً بائناً، وقيل: إن عدتها ثلاثة قروء، فهل تحد لفراق هذا الزوج، مع أنه فراق في حياة؟ يجوز الإحداد، ولكن ليس بواجب، بخلاف الإحداد على الزوج فإنه واجب.
كان أهل الجاهلية إذا مات الزوج فإن زوجته تدخل في حشٍ صغير، ثم تنقطع عن الزينة، ولا تغتسل ولا تمشط شعرها طوال سنة، ولا تغير ثيابها طوال السنة، ويكون مقامها في هذا الحش الصغير الذي هو في غاية شدة الضيق، وفي غاية شدة الحر، وإذا انتهت السنة خرجت وأخذت بعرة ورمت بها، كأنها تقول: إن هذه المدة خفيفة علي كما أن هذه البعرة خفيف عليَّ رميها، ثم بعد ذلك تراجع الزينة.