الخامسة من المعتدات: (من ارتفع حيضها ولم تعلم ما رفعه، فتعتد للحمل غالب مدته، ثم تعتد كآيسة، وإن علمت ما رفعه فلا تزال حتى يعود فتعتد به، أو تصير آيسة فتعتد عدتها وعدة بالغة لم تحض، ومستحاضة مبتدأة أو ناسية كعدة آيسة) .
قد يرتفع حيض بعض النساء، فإن كانت لا تدري ما رفعه، كأن توقف حيضها وهي تحيض بسبب خفي لا تدري ما هو، ففي هذه الحال عدتها سنة: تسعة أشهر مدة أغلب الحمل، وثلاثة أشهر عدة الآيسة.
أما إذا علمت ما الذي رفع هذا الحيض فإنها لا تزال في العدة، ذكر عن بعض الصحابة أنه طلق امرأة له، وكانت ترضع ابنة له، ثم ارتفع حيضها بسبب الرضاع ولم تحض، ومكثت معها ابنتها سنتين أو سنة وستة أشهر، مرض ذلك الزوج، وقال: الآن قد طلقتها من سنة وتسعة أشهر، ولو مت لورثت مني، فذهب وانتزع ابنته منها، ولما أُخذت البنت رجعت إليها الحيضة، ولكنه مات قبل أن تعتد عدة ذات الأقراء، فورثت منه.
ففي هذه الحال إذا علمت أنها لا تحيض ما دامت ترضع، فإنها تبقى في العدة إلى أن يرجع إليها الحيض بعد فطام الولد؛ لأن العادة أنها إذا كانت ترضع ينقلب الدم لبناً وترضعه الطفل، فلا تحيض ما دامت ترضع، هذا أغلب النساء، وبعضهن لقوة شبابها وبنيتها تحيض ولو كانت ترضع، سيما إذا كانت لا ترضع ولدها إلا شيئاً قليلاً، اعتماداً في إرضاعه على اللبن الصناعي، أما النساء قبل خمسين سنة أو نحوها فإن الولد إنما يرتضع لبن أمه مدة سنتين، وفي هاتين السنتين لا تحيض.
فإذا طُلقت وهي في النفاس، ثم طهرت، ثم اشتغلت في إرضاع الطفل وتوقف عنها الحيض لمدة سنتين فإنها تكون في العدة، بحيث إنه لو مات ورثت منه، أو ماتت ورث منها؛ لأنها لا تزال محبوسة لأجله؛ ولأنها علمت أن عدتها في الأقراء، وعلمت ما رفع الحيض عنها، فتبقى في العدة إلى أن يرجع إليها الحيض فتعتد به ولو طالت المدة.
وهكذا لو ارتفع حيضها بمرض، وهكذا لو تعاطت دواءً يوقف الحيض، فإنها علمت أنه يرتفع الدم، وبعض النساء تعرف أنها إذا أخذت هذا الدواء توقف الحيض عنها سنة أو نصف سنة، ثم يعود إليها، فإذا علمت ما رفعه فلا تعتد حتى يرجع الحيض فتعتد به، فقال: (إذا علمت ما رفعه فلا تزال حتى يعود فتعتد به) .
فإن بلغت سن الإياس والحيض ما عاد إليها فعدتها كآيسة، فلو قدر -مثلاً- أن هذا الدواء أو هذا المرض استمر معها ولم يعد إليها الحيض، وبلغت سن الخمسين أو الخمسة والأربعين وأيست، وعلمت أن الحيض لا يعود إليها لكبر سنها، ففي هذه الحال تعتد بالأشهر ثلاثة أشهر.