الثانية من المعتدات: المتوفى عنها وليست حاملاً، فتعتد الحرة أربعة أشهر وعشر ليال لعشرة أيام، وتعتد الأمة نصفها، أي: شهرين وخمسة أيام، وتعتد المبعضة بالحساب، قال الله تعالى: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا} [البقرة:234] (يتربصن) يعني: ينتظرن، ولا يتزوجن هذه المدة كلها.
فهذا حكم الحرة، والأمة معلوم أنها تعتد على النصف من الحرة، فإذا كانت الأمة مزوجة من حر أو من عبد فمات زوجها فإنها تعتد نصف هذه المدة شهرين وخمسة أيام، والمبعضة تعتد بالحساب إذا كان نصفها حراً ونصفها مملوكاً فإنها تعتد شهرين وخمسة أيام، ونصف ذلك أي: شهراً ويومين ونصف، فتكون عدتها بالحساب، تأخذ من الشهرين والخمسة الأيام الباقية نسبة ما فيها من الحرية، فإن كان نصفها حراً أخذت من الشهرين والخمسة الأيام نصفها، وإن كان فيها ربع حراً أخذت ربع الشهرين والخمسة الأيام، وإن كان ثلثها حر أخذت ثلث الشهرين والخمسة الأيام، وإن كان ثلثاها أخذت ثلثي الشهرين والخمسة الأيام، هذا معنى (بالحساب) .
الحكمة في ذلك: أولاً: استبراء الرحم، وذلك لأنه قد يكون فيها حمل ولكن لا يتبين ويتحقق إلا بعد أربعة أشهر.
ثانياً: أن المدة التي يمكن أن تصبر فيها عن الزواج أربعة أشهر، وجعلت العشرة الأيام احتياطاً؛ لأن بعض الأشهر قد يكون ناقصاً.
وإذا تحقق بأنها ليس في رحمها حمل فإن هذه المدة تعبد، وقيل: إن هذا لتعرف حق الزوج؛ ولأجل ذلك تحد عليه خاصة، فدل ذلك على أن من الحكمة معرفتهن لحقوق الأزواج، مما يحملها على الاعتراف بحقه وأدائه، وكذلك حرصها على القيام بخدمته في حياته وما أشبه ذلك.