وأما إذا كان بعد الوطء أو بعد الخلوة فإنها تعتد، وماذا يشترط للوطء الذي يوجب العدة؟ كونها يوطأ مثلها، والتي يوطأ مثلها هي بنت تسع، فإذا كانت أقل من تسع سنين فالأصل أنه لا يوطأ مثلها، وأنه ليس لها شهوة، وأنها لا تعلق بحمل، فمثلها إذا طلقت فلا عدة عليها.
شرط ثانٍ: كونه يلحق به الولد، متى يُلحق به الولد؟ إذا كان الزوج ابن عشر، والذي دون العشر عادة أنه لا يطأ، وإن وطئ فلا يحصل منه الإنزال، وإن أنزل فلا يخلق من إنزاله الولد.
أما إذا كان يولد لمثله فإنه يلحق به الولد سواء كان ابن عشر أو أكثر، فإن الوطء يوجب العدة، يعني: إذا كانت بنت تسع، وكان هو ابن عشر ووطئها ثم فارقها، فعليها العدة، وأما إذا كان أقل من عشر أو هي أقل من تسع ووطئها فلا عدة عليها.
ماذا يشترط للخلوة؟ مطاوعته، يعني: أن يكون مطاوعاً في تلك الخلوة، ويكون عالماً أنها عنده وأنها معه ولو مع وجود مانع.
عرفوا الخلوة بتعريفين أو بثلاثة: إسدال الحجاب، وإغلاق الباب، وكشف النقاب.
فإذا خلا بها، ليس معهما أحد، وأغلق الباب، أو كان -مثلاً- في بيت شعر وأسدل الحجاب بينه وبين الناس، وكشفت له وجهها، ولم يكن هناك ما يمنعه من أن يطأها، فإنه إذا طلقها فعليها العدة، وتستحق المهر كاملاً.
ويحدث أن كثيراً من الذين يتزوجون يخلو أحدهم بامرأته ولكن في غير المنزل، فيركبها معه في سيارته، ويدخل بها الأسواق، أو يظهر بها في المنتزهات أو الحدائق أو الاستراحات أو خارج البلد، ويقول: لم أغلق باباً.
نقول: بلى؛ إنك أغلقت باب السيارة، ولو كان باب السيارة غير ساتر، ولكن هذا دليل الخلوة، وإنك خلوت بها في مكان قد لا يراكما أحد، فإذا طلقت فإنها تستحق الصداق كله، فيجب الصداق كله بعد هذه الخلوة.
فإذا قال: إني ما جامعتها! نقول: إن هذه الخلوة تعتبر مالكة بها للصداق، وعليها أن تعتد عدة الطلاق لهذه الخلوة.
فإذا قال: إني خلوت بها في مكان خاص، ولكنها كانت حائضاً، ولم أستمتع بها.
ف
صلى الله عليه وسلم الخلوة تسبب ثبوت الصداق كله ولو مع وجود مانع.
وكذا لو خلا بها وهما صائمان، فإنها تلزمها العدة، ويلزمه الصداق، وإذا قال: أنا خلوت بها ولكن كنت صائماً أو كانت صائمة، أو كانت حائضاً، فعليها العدة بعد الطلاق، وعليه كمال الصداق.