وبعد ذلك يستفتح، واختار الإمام أحمد هذا الاستفتاح: (سبحانك اللهم وبحمدك) إلى آخره؛ وذلك لأنه ثناء، والثناء على الله يقدم على الدعاء، ولا شك أن حديث أبي هريرة الذي في الصحيحين: (اللهم باعد بيني وبين خطاياي) إلى آخره أصح إسناداً، أما هذا الحديث فمروي في صحيح مسلم عن عائشة ومروي أيضاً عن عمر أنه كان يجهر به، فاختاره الإمام أحمد؛ لأنه ثناء على الله تعالى.
والتسبيح: هو التقديس والتنزيه.
و (بحمدك) يعني: متلبساً بحمدك.
البركة: كثرة الخير، (تعالى جدك) يعني: لك جميع أنواع العلو.
والجد: الحظ والنصيب.
يعني: حظك من التقديس، كلمة التوحيد: (لا إله غيرك) كلمة الإخلاص.
يجوز أن يستفتح مثلاً: بـ (اللهم باعد بيني وبين خطاياي) ، ويستفتح بحديث علي الذي في السنن: (وجهت وجهي للذي فطر السموات والأرض إلى آخره) ، وهو طويل مذكور في سنن أبي داود وفي غيره، وكذلك أيضاً يجوز أن يستفتح بالحديث الذي فيه: (اللهم رب جبرائيل وميكائيل وإسرافيل، عالم الغيب والشهادة) إلى آخره، ولـ شيخ الإسلام رسالة مطبوعة في المجلد الثاني والعشرين في أنواع الاستفتاحات، يعني أن أنواع الاستفتاحات كثيرة، وبيّن أسانيدها وتكلم عليها وبيّن أصحها.
وتكلم ابن القيم أيضاً في زاد المعاد عن الاستفتاح وقال: إن الذين يستفتحون بالاستفتاحات الطويلة لا يكملونها وإن هذا أخصرها وأجمعها.