قال المصنف رحمه الله تعالى: [فصل: ومن علق طلاقًا ونحوه بشرطٍ لم يقع حتى يوجد، فلو لم يلفظ به وادعاه لم يقبل حكمًا.
ولا يصح إلا من زوجٍ بصريحٍ وكنايةٍ مع قصدٍ، ويقطعه فصلٌ بتسبيحٍ وسكوتٍ، لا كلامٌ منتظمٌ، كأنت طالقٌ يا زانية إن قمت.
وأدوات الشرط نحو: "إن" و"متى" و"إذا"، وإن كلمتك فأنت طالقٌ فتحققي أو تنحي ونحوه تطلق، وإن بدأتك بالكلام فأنت طالقٌ، فقالت: إن بدأتك به فعبدي حر، انحلت يمينه وتبقى يمينها، وإن خرجتِ بغير إذني ونحوه فأنت طالقٌ، ثم أذن لها فخرجت، ثم خرجت بغير إذنٍ، أو أذن لها ولم تعلم طلقت.
وإن علقه على مشيئتها تطلق بمشيئتها غير مكرهة، أو بمشيئة اثنين، فبمشيئتهما كذلك، وإن علقه على مشيئة الله تعالى تطلق في الحال، وكذا عتق.
وإن حلف لا يدخل دارًا، أو لا يخرج منها، فأدخل أو أخرج بعض جسده أو دخل طاق الباب، أو لا يلبس ثوبًا من غزلها فلبس ثوبًا فيه منه، أو لا يشرب ماء هذا الإناء فشرب بعضه لم يحنث، وليفعلن شيئًا لا يبر إلا بفعله كله ما لم يكن له نيةٌ، وإن فعل المحلوف عليه ناسيًا أو جاهلًا حنث في طلاقٍ وعتاقٍ.
وينفع غير ظالمٍ تأول بيمينه.
ومن شك في طلاقٍ أو ما علق عليه لم يلزمه، أو في عدده رجع إلى اليقين.
وإن قال لمن ظنها زوجته: أنت طالقٌ.
طلقت زوجته، لا عكسها.
ومن أوقع بزوجته كلمةً وشك هل هي طلاقٌ أو ظهارٌ لم يلزمه شيءٌ] .
هذا الفصل يتعلق بالحلف بالطلاق، ويتعلق بتعليق الطلاق بالشروط، هكذا يبوبون: باب الحلف بالطلاق، أو باب تعليق الطلاق بالشروط.
والشروط هاهنا: هي الأمور المستقبلة، فمتى علق الطلاق أو العتق أو البيع أو نحو ذلك بشرط فلا يقع ذلك الشيء حتى يوجد ذلك الشرط، ويكثر تمثيل الفقهاء بهذا الشرط، ويقولون: متى علقه بشرط تعلق به، ولو أراد نقضه لم يقدر؛ لأن الشرط تعلق به، فلو قال: إن ولدت امرأتي ابنة فهي طالق.
ثم ندم قبل أن تلد، وهي لا تزال حاملاً، وقال: أبطلت شرطي، أبطلت طلاقي، لا ينفعه؛ وذلك لأنه علقه بشيء مستقبل، فإذا ولدت أنثى وقعت الطلقة التي علق بها.
وهكذا أيضاً إذا علقه بزمان مستقبل، كأن يقول: إذا دخل شهر ربيع الثاني فامرأتي طالق، وندم قبل انسلاخ هذا الشهر؛ لم ينفعه ندمه، بل تطلق بدخول شهر ربيع الثاني، ولو حاول إبطال الشرط، فإنه لا ينفعه إبطاله.
وكذلك إذا قال: متى قدم زيد فامرأتي طالق، ثم ندم قبل قدوم زيد، ما نفعه ندمه، بل يقع الطلاق وقت قدوم زيد.