ذكر العلماء أن الطلاق تتعلق به الأحكام الخمسة: يباح للحاجة، ويكره بلا حاجة، فالطلاق يباح للحاجة، ومالمراد بالحاجة؟ إذا تضررت المرأة مثلاً، أو كره الرجل خلق المرأة، أو سوء معاملتها؛ فإنه يكون مباحاً؛ لا ثواب منه ولا عقاب، ويكره لغير الحاجة، فإذا كانت الحالة مستقيمة بين الزوجين وكل منهما يسير سيراً مستقيماً مع الآخر؛ فإن الطلاق يكون مكروهاً ولو كان حلالاً، جاء في الحديث: (أبغض الحلال إلى الله الطلاق) ؛ فيكون حلالاً ولكنه مكروه، لماذا؟ لأنه يفرق بين الزوجين، ولأنه قد يفرق بين الأولاد وأحد أبويهم، ولما فيه من إضاعتها؛ فالزوجة متى طلقت فإنها قد يكره النّاس عشرتها ونكاحها، يقولون: ما طلقت إلا وفيها ضرر، أو أنها غير صالحة، وهكذا أيضاً قد يتضرر الزوج، ولا يرغب فيه أحد، حيث يقولون: إنه كثير الطلاق، أو يطلق بلا سبب؛ فلذلك يكون الطلاق مكروهاً من غير حاجة، وإن كان واقعاً.
ويستحب الطلاق لتضررها، فإذا تضررت الزوجة، وليس التضرر خاصاً بأن يضرها الجماع، بل حتى إذا كانت تتضرر بسوء خلق الزوج، إذا كانت تكرهه لسوء خلقه ولسوء معاملته؛ بحيث إنه إذا أمسكها تضررت وتمنت فراقه، حتى ربما تبذل له من مالها ليطلقها، وهو الخلع، بحيث تحتاج إلى المخالعة، فإذا وصلت إلى هذه الحالة، وصارت تتمنى الفراق؛ استحب له أن يطلقها سواء كانت تتضرر بكثرة الجماع منه، أو تتضرر بسوء معاملته أو ما أشبه ذلك.
وكذلك إذا ساءت أخلاقها، أو رآها لا تصلي؛ استحب أن يطلقها، أو رآها قليلة ديانة، أو ليست عفيفة، يخشى أن تفسد نفسها؛ فتفسد عليه فراشها، أو تدخل عليه من ليس من أولاده إذا كانت متهمة بالفاحشة، ففي هذه الحال يستحب له فراقها حتى يسلم من هذه المصائب وما أشبهها.