قوله: (يسن السواك بالعود كل وقت إلا لصائم بعد الزوال فيكره) .
يعني: السواك مسنون في كل وقت، والسواك هو: هذا العود الذي تدلك به الأسنان، يؤخذ من أراك أو من زيتون أو نحوه، ولكن أكثر ما يستعمل من الأراك، وقد وردت فيه أحاديث كثيرة، وتكلم عليه العلماء قديماً وحديثاً، وألف فيه بعض المعاصرين رسالة ماجستير بعنوان: (السواك خلف المجهر) يعني: أنه حقير عند بعض الناس، ولكن المجهر يكبر الشيء، وكأنه يقول: أكبره.
والسواك له حكم كثيرة، وفي الحديث: (السواك مطهرة للفم، مرضاة للرب) ، فالحكمة في شرعيته تنظيف الفم، وتنظيف الأسنان، والمحافظة عليها من التآكل، والمحافظة على الفم من التغير؛ لأن الفم طريق النفس، وكل ما يتبخر من الجوف يمر من الفم، ولأنه طريق الأكل، فالغالب أنه يبقى بين الأسنان شيء من بقايا الطعام فيحتاج إلى إزالتها.
يقول: (يسن السواك بالعود كل وقت إلا لصائم بعد الزوال فيكره) هذا فيه خلاف، والصحيح: أنه لا يكره، لا قبل الزوال ولا بعده، رجح ذلك كثير من العلماء كـ ابن تيمية وابن القيم، والذين كرهوه قالوا: إنه يزيل الخلوف، والخلوف أطيب عند الله من ريح المسك، وحقق ابن القيم أنه لا يزيله؛ لأن الخلوف هو ما يخرج من المعدة من أثر خلو المعدة من الطعام، والسواك لا يزيل الخلوف، إنما يزيل ما بين الأسنان من النتن وكذلك نتن الفم؛ فلا يكره.
ويتأكد السواك عند الصلاة والوضوء ونحوه، ويتأكد إذا قام إلى الصلاة، حتى ورد حديث ذكره الناظم الذي نظم منظومة في السواك حيث يقول: به الصلاة فضلت سبعين رواه أحمد مسنداً يقيناً يعني: أنه ورد في حديث: (الصلاة التي يُستاك لها تفضل على الصلاة التي لا يستاك لها سبعين ضعفاً) وإن كان في سنده مقال.
وكذلك عند الوضوء ورد فيه حديث: (لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل وضوء) .
وعند تغير رائحة الفم، لاسيما بنوم، كان عليه السلام: (إذا قام من النوم يشوص فاه بالسواك) .
أو بتغير بطول سكوت، أو ببقاء أكل، أو باصفرار أسنان.
ويسن أن يبدأ بجانب طرف فمه الأيمن، ثم ينظف إلى الأيسر، عملاً بأنه عليه السلام كان يعجبه التيمن، وكذلك في الطهور، وفي الوضوء يبدأ بيده اليمنى قبل اليسرى، وبرجله اليمنى قبل اليسرى، كما كان عليه السلام يحب التيمن في تنعله وترجله، وفي أمره كله.