يقول: (ويجوز بيع المكاتب، ومشتريه يقوم مقام مكاتبه) : دليل ذلك قصة بريرة: أنها كاتبت أهلها على تسع أواق الأوقية أربعون درهماً، يعني: نحو ثلاثمائة وستين درهماً، وقيمتها يمكن أنها مائتا درهم، ولكن لما كانت مؤجلة زادوا في ثمنها، ولكن جاءت إلى عائشة تطلب منها أن تساعدها في دين كتابتها، فقالت عائشة: إن أحب أهلك أن أدفع لهم الثمن ويكون ولاؤك لي فعلت، فسألت عائشة النبي صلى الله عليه وسلم، فأمرها بأن تشتريها ويكون لها الولاء، لكن أهلها الذين كاتبوها قالوا: نريد أن يكون الولاء لنا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (ما بال أقوام يشترطون شروطاً ليست في كتاب الله، من اشترط شرطاً ليس في كتاب الله فهو باطل وإن كان مائة شرط، قضاء الله أحق، وشرط الله أوثق، وإنما الولاء لمن أعتق) ، فجعل الولاء لمن أعتق، وفي هذه الصورة عائشة هي التي أعتقتها، فهذا معنى قوله: (يجوز بيع المكاتب) .
وقوله: (ومشتريه يقوم مقام مكاتبه) : إذا اشتراه المشتري مكنه من الاحتراف، فإن أدى ما عليه عتق، وكان ولاؤه للمشتري، وإن عجز عاد رقيقاً وصار مملوكاً للمشتري، أي: إذا أدى عتق وولاؤه لمن انتقل إليه، فالذي باعه باع العبد وثمنه وولاءه.