بدأ بالظهر؛ لأن الذي قبلها ليس وقتاً لشيءٍ من الفرائض.
أي ما بين طلوع الشمس إلى زوال الشمس لم يوقَّت فيه فريضة، فهو ليس وقتاً لشيءٍ من الصلوات المكتوبة، فلذلك بدءوا بالظهر؛ لأن الأوقات التي بعدها متصل بعضها ببعض، فالظهر يتصل وقتها بالعصر وليس بينهما فاصل، والعصر يمتد وقتها إلى المغرب، والمغرب يمتد وقتها إلى العشاء، والعشاء يمتد وقتها إلى الفجر.
ويبدأ وقت الظهر بالزوال.
والزوال يراد به زوال الشمس من وسط السماء، ومعلوم أن الشمس إذا طلعت لا تزال ترتفع وينتصب للأشياء ظل، وكل شيءٍ شاخص فإنه يكون له ظل، ثم لا يزال ذلك الظل يتقلص وينقص حتى تكون في وسط السماء فيتوقف نقصه، فإذا مالت إلى جهة الغرب ابتدأ يزيد ولا يزال يزيد إلى أن تغرب، فإذا مالت وابتدأ الظل في الزيادة ولو قدر أنملة دخل وقت الظهر.
إذاً: يدخل وقت الظهر بزوال الشمس وذلك إذا مالت وابتدأ الظل بالزيادة.
يقول رحمه الله: [حتى يتساوى منتصب وفيئه سوى ظل الزوال] .
يعني: متى ينتهي وقت الظهر؟ إذا تساوى منتصبٌ وفيئه.
(فيئه) أي: ظله.
ويراد ما كان زائداً على الظل الموجود وقت الزوال.
فمثلاً: إذا نظرنا إلى شيء منتصب عندما زالت الشمس، ومن وقت زوال كانت الشمس مائلة إلى جهة الجنوب، فكان له ظل -مثلاً- ولو قدر أصبعين؛ فهذا الظل الموجود وقت الزوال لا نعتد به، وإنما يبدأ وقت الظهر من زيادة الظل، ولا نحسب الظل الموجود وقت الزوال، ثم لا يزال وقت الظهر ممتداً حتى يصير ظله مثله، ويتساوى وفيئه.
إذا قدرنا مثلاً: أن هذا الشيء ثمانية سنتيمتر مثلاً، فإذا زاد طول الظل بعد الظل الموجود على ثمانية سنتيمتر خرج وقت الظهر ودخل وقت العصر.
- نفرض مثلاً: أن طول هذا الجدار عشرة أمتار، فمتر موجود قبل الزوال وعشرة بعده، إذا وصل ظله إلى أحد عشر متراً انتهى وقت الظهر ودخل وقت العصر.
- افرض أنك وقفت وقت الزوال وإذا ظلك قدم، فهذا الظل الموجود وقت الزوال لا يعتد به، ويمتد وقت الظهر إلى أن يكون ظلك مثلك.
- افرض مثلاً: أن طولك مائة وخمسون سنتيمتر، فإذا كان الظل مثلك فإنه يخرج وقت الظهر ويدخل وقت العصر، فهذا معنى قوله: (يتساوى منتصب وفيئه سوى ظل الزوال) .