أما الولاء: فالمراد به ولاء العتاقة، والمولى هو العتيق، ويعرفونه بأنه عصوبة سببها نعمة المعتق على رقيقه بالتعق، فيرثه هو وعصبته المتعصبون بأنفسهم لا بغيرهم ولا مع غيرهم، ولعل هذا التعريف يتضح فيما بعد.
فالمولى هو العبد المملوك أعتقه سيده وأصبح مولى له، كأنه يتولاه وينصره، وينتسب إلى سيده الذي أعتقه ومنّ عليه بالعتق، قال الله تعالى: {وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ} [الأحزاب:37] يعني: زيد بن حارثة أنعم عليه النبي صلى الله عليه وسلم بالعتق.
وقال تعالى: {فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آبَاءَهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ} [الأحزاب:5] ، سماهم الله تعالى موالي لأنهم يتولون.
فإذا مات العتيق وله مال وليس له أولاد، ورثه سيده؛ لأنه أنعم عليه بالعتق، فإذا كان السيد قد مات قام أولاده مقامه، وإذا مات العبد وله أولاد، ثم مات أولاده بعده ولم يكن لهم أولاد، ورثهم أولاد سيدهم، أو إخوة سيد الذي أعتق أباهم، فيحصل التوارث بين هذا العتيق وبين معتقه.
واختلف العلماء: هل العبد يرث سيده، إذا قدر أن السيد مات وليس له أولاد ولا عصبة؟ صحح بعض العلماء أنه إذا لم يكن له وارث أن عبده الذي أعتقه يرثه؛ لأن بينهما قرابة وهي هذا الولاء، ولذا يعرفه بعضهم بأنه لحمة كلحمة النسب، لا يباع ولا يوهب ولا يورث، أي: كأنه قرابة، فلا يجوز للإنسان أن يبيع قرابته من أخيه، فلا يقول لإنسان أجنبي: بعتك قرابتي من أخي أو من أبناء عمي؛ لأن هذا نسب ثابت، فإذا كان لا يجوز أن يبيع قرابته من أخيه أو عمه أو ابن عمه، فكذلك عتيقه، فلا يجوز أن يقول: بعتك قرابتي من هذا العبد الذي أعتقته وأصبح مولىً لي.
ولا يجوز أن تهبه، وفي الحديث الصحيح عن ابن عمر: (أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الولاء وهبته) ، فلا تقول: وهبتك قرابتي من هذا العبد الذي أعتقته، أو بعتك قرابتي منه، فلا يباع ولا يوهب، هذا حكم الولاء، فالولاء يرث به المعتق هو وعصبته.
هذه أسباب الأرث.
أما الرحم فقد ذكرنا أنهم ينقسمون إلى عصبة وذوي أرحام، والعصبة ينقسمون إلى أصول وفروع وحواش، ويأتينا أمثلة لهم.