إذا قدر أنه قال وهو مريض: أعطوا زيداً هذه الشاة، وأعطوا سعداً هذه الناقة، فكل منهم قال: قبلت.
ولكن منعناهما من أخذها مخافة ألا تخرج من الثلث، فولدت الشاة ونتجت الناقة، ثم مات، وخرجتا من الثلث، ففي هذه الحال هل يكون ولد الناقة وولد الشاة تركة أو يكونان للمعطى؟
صلى الله عليه وسلم يكونان للمعطى؛ وذلك لأنها دخلت في ملكه من وقت القبول، فهذا معنى قوله: (يعتبر قبولها عند وجودها) ، لما اعتبر قبولها عند وجودها صار نماؤها تبعاً لها.
وهكذا لو قال: أعطوا زيداً هذه النخلة.
ثم لم يمت حتى حملت، وزيد قد قبلها، ولما مات طالبه الورثة بالحمل، فهل لهم ذلك؟ ليس لهم، فلو قالوا: إنها حملت قبل الموت، فالجواب: أنها تلزم بالقبول، والقبول قد حصل.
وهكذا لو كانت داراً فقال: أعطوا زيداً هذه الدار، وأعطوا عمراً هذا الدكان، وقبل كل منهما، ولكن ما سلمناها مخافة أن يموت ولا تخرج من الثلث، ولما مات نظرنا فإذا الدار قد أجرت بعشرة آلاف، والدكان بخمسة آلاف مثلاً، ففي هذه الحال نقول: إنه والحال هذه تكون الأجرة للمعطَى؛ لأنها خرجت من الثلث، وملكها من وقت القبول، هذا معنى: (يعتبر قبولها عند وجودها) .
وقوله: (يثبت الملك فيها من حينها) : (من حينها) قيل: إنه من حين العطية، وقيل: من حين القبول.
والفرق بين القولين: أنه لو قال: أعطوا زيداً الدكان، ولم يقل زيد: قبلت إلا بعد الموت، فلا يثبت الملك إلا بعد الموت، وليس له الأجرة قبل القبول، بل أجرة الدكان للورثة، وله عين الدكان، وله قسطه من الأجرة بعد القبول.
وأما إذا قلنا: إن الملك قبل القبول يثبت من حين العطية، ففي هذه الحال له أجرة هذا الدكان، بمعنى أنه لو قال في شهر المحرم: أعطوه هذا الدكان.
وزيد ما قال: قبلت.
إلا في شهر رجب، أي: بعد نصف سنة، والمعطي ما مات إلا في ذي الحجة بعد سنة، فالصحيح أن أجرة نصف السنة قبل القبول للورثة، والنصف الثاني للمعطى، والملك يثبت من حين القبول.
وأما الوصية فإنها لا تثبت إلا بعد الموت، فلو قال الموصى له: قبلت.
ثم قال الموصي: رجعت.
فله الرجوع.