إذا كان المرض مخوفاً فليس له تصرف إلا في الثلث.
والمرض المخوف مثلوا له بالبرسام أو بالإسهال، والبرسام: مرض في الرأس يختل به الدماغ، تسميه العامة أبو دمغة؛ لأنه يختل به الدماغ؛ فالعادة في مثل هذا أنه يموت، وأما الإسهال المتدارك فاسمه عند الأطباء (الكوليرا) ، وهو مرض يحصل به الإسهال المتدارك، ويتمادى به إلى أن يموت.
فإذا كان مرضه مخوفاً أو قرر طبيبان مسلمان عدلان أن هذا المرض مخوف، أي: يخاف منه الموت؛ فمثل هذا تصرفاته لا تنفذ إلا في الثلث؛ وذلك لأن حقوق الورثة إذا تعلقت بالمال فيخاف أن يقصد إضرار الورثة، مثل ما يسمى عند العامة بتوليج المال، أي: إخراجه من ملكه حتى يتضرروا، ولا يبقى لهم شيء يملكونه؛ إما لأنهم أساءوا صحبته، أو أنهم ما أطاعوه ولا خدموه، أو أنهم أقارب غير رافقين به إذا لم يكن له أولاد، وكان له إخوة أهل قطعية وعقوق، أو بنو عم مقاطعون له، فأراد أن يخرج المال من ملكه في حياته حتى لا ينتفعوا به إضراراً بهم.
فإن كان صحيحاً ولو كان عمره مائة سنة، ولكن معه عقله وإدراكه، ومعه قوته يذهب ويجيء، فتصرفه تصرف نافذ، فإذا بنى مساجد، أو عمر مدارس خيرية، أو أصلح طرقاً، أو تصدق بصدقات، أو أوقف أوقافاً وسبلها، فإنه ينفذ؛ وذلك لأنه في حالة صحته وفي حالة قوته، والعادة أن الصحيح القوي يمسك المال، وأنه يحتاج إليه.