أما بالنسبة للناظر على الوقف، فإذا قال الواقف: الوكيل على هذه الأوقاف فلان، والنظر له ينظر ما هو الأصلح، فعلى هذا الوكيل أن ينظر ما هو الأصلح، فيمكن في هذه السنة أن يتصدق به على الفقراء والمساكين، وفي السنة الثانية يصرفه على المجاهدين، وفي السنة الثالثة يُعمر به مساجد، وفي السنة الرابعة يطبع به كتباً أو أشرطة، فيكون النظر موقوفاً على اختيار ذلك الوكيل، ومن هنا فلابد أن يكون الناظر رشيداً عالماً.
وذكر المصنف أنه إذا لم يُعين فالنظر للموقوف عليهم، فإذا قال: غلة هذا البيت وقف على أولاد زيد، أو أولاد عمرو، أو أولاد أخي، ولم يعين ناظراً، ففي هذه الحال يكون الناظر واحداً منهم هو الذي يؤجره ويصلحه إذا وهي ويرممه، ويقبض الأجرة، ويفرقها فيما يريد، ويعطي من هو الأحق.
فالوكيل هنا هو أحد الموقوف عليهم، حيث يتفقون على رجل رشيد فيقولون: يا أخانا؛ أنت أفلحنا وأعدلنا، فنريد أن نجعلك وكيلاً على وقفنا؛ سواء كان الوقف عقاراً، كشقق أو دكاكين، أو كان بستاناً فيه نخيل وأعناب وتين ورمان وأشجار مثمرة، فهذا الوكيل يحفر الآبار، ويجري الأنهار، ويحاسب العمال، ويتفقد عملهم، ويوكل على التلقيح وعلى السقي، وعلى الحرث والزبر والحصاد وما أشبه ذلك.
والوكيل يتعب، فيجوز أن يجعلوا له جُعلاً مقابل تعبه، كأن يقولوا: (10%) أو (5%) من غلة هذا الوقف مقابل تعبك، ومقابل عملك وشغلك.
ولو عجز الموقوف عليهم عن الإشراف على هذا الوقف وعمارته، أو عن حرثه وزبره وما أشبه ذلك، فاستأجروا أجيراً أجنبياً للأشراف عليه، وجعلوا له جُعلاً، فقالوا: لك من كل عشرة واحداً أو اثنان أو قالوا: لك (10%) أو (20%) مقابل إشرافك وتعبك، فأنت تشتري المحروقات -مثلاً-، وتحاسب العمال، وتتفقد عملهم، وتوظفهم، أو تقوم بالسقي، وتصلح مجاري الماء، وتلقح، وتقطع الأغصان الرديئة، وأنت تصرم، وأنت وأنت، ففي هذه الحال يجوز أن يجعلوا له جُعلاً، ويجوز له أن يأخذه ولو لم يكن من أهل الوقف.
وإذا كان الموقوف عليهم محصورين كأن يقول: هذا وقف على أولاد أخي، وهم خمسة، فيختارون واحداً منهم، أو يقومون كلهم بالإشراف والنظر.
وكذلك إذا كان الموقوف منقولاً، فلابد أيضاً أن يكون عليه ناظر، فكثيراً ما يكتبون على الكتاب: هذا الكتاب وقف لله تعالى على طلبة العلم، والناظر عليه فلان ومن بعده فلان، فوظيفة هذا الناظر (الوكيل) أنه يحفظه من التلف، وإذا أعاره إنساناً توثق أنه سوف يرده إلى مكانه، وكذلك يحدد له مدة، فيقول مثلاً: أعرتك الكتاب عشرة أيام أو نحو ذلك، وعليه أن يحتاط.
وكذلك لو كان الموقوف سيفاً أو سلاحاً يقاتل به، فلابد أن يكون عليه ناظر، وهذا الناظر يعطيه من هو من أهل النجدة والقتال به.
وكذلك الأواني؛ إذا كان الموقوف قدراً أو صحناً أو فأساً فإنه يكون عليه وكيل، وهكذا سائر الموقوفات.