قوله: (والتقاطه فرض كفاية) ؛ لأن أخذه من مصلحته مخافة أن يهلك؛ لأنه إذا لم يؤخذ تعرض للهلاك؛ لعدم معرفته لمصلحة نفسه، فمن وجده فإنه يأخذه.
وورد أن رجلاً جاء بطفل وجده ضالاً في برية إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فقال عمر (عسى الغوير أبوسا) وهذا مثَل يضرب لمن جاء بخبر عجيب، فأخبره بأنه وجده تائهاً أو ضالاً، فقال عمر: (لك ولاءه وعلينا نفقته) ، معنى ذلك: أننا ننفق عليه من بيت المال، ولاؤه: يعني: حضانته، وتربيته وحفظه عليك فأنت محتسب، وإذا لم يحتسب أو كان عاجزاً فإنه يوكل به بأجرة من يحضنه وينفق عليه ويربيه، كما في هذه البلاد؛ فإن هناك حضانة لمثل هؤلاء.
وكذلك أيضاً: هناك من يتولى تربيتهم وتنشئتهم وتدريسهم، وتعليم من ليس له والد أو لا يعرف والده، فهذا اللقيط لا يعرف نسبه وأنه ابن فلان، ولا يعرف هل هو رقيق أم حر، فالتقاطه فرض كفاية.
قوله: (فإن لم يكن معه شيء وتعذر بيت المال، أنفق عليه عالم بلا رجوع) فتارةً أهله يجعلون معه مالاً، يربطون معه مثلاً: شاةً ليرتضع منها أو يجعلوا معه صرةً فيها دراهم، ويجعلون معه أكسيةً أو نحوها، حتى ينفق عليه من تلك النفقة، فما وجد قريباً منه أو معه فإنه له، وينفق عليه منه، فإن لم يوجد معه شيء، أنفق عليه من بيت المال؛ لأن بيت المال لمصالح المسلمين، فإن لم يتيسر فعلى من علم حاله أن ينفق عليه، ويلزم من علم حاله من المسلمين الذين يقدرون أن ينفق عليه بقدر ما يحتاجه، وليس له أن يرجع على أحد، بل يجعل ذلك من باب الاحتساب، ويعتبر أخذه فرض كفاية، وتعتبر النفقة عليه فرض كفاية.