أنواع اللقطة

ولذلك قسموا اللقطة إلى ثلاثة أقسام: القسم الأول: ما لا تتبعه همة أوساط الناس: كرغيف، أو سوط، أو عصا، أو شسع -يعني: سير النعل- أو ما أشبه ذلك، فهذه لا تعرف.

القسم الثاني: الضوال التي تمتنع من صغار السباع: كخيل، وإبل، وبقر، وحمر ونحوها، فهذه لا تلتقط ولا تملك بتعريفها، وقد ورد في الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن اللقطة؟ فقال: (اعرف عفاصها ووكاءها، ثم عرفها سنة، فإن جاء صاحبها، وإلا فهي لك أو استنفقها، ومتى جاء صاحبها يوماً من الدهر فوصفها فأعطها له، فقيل: فضالة الإبل؟ فغضب وقال: مالك ولها، معها سقاؤها وحذاؤها، ترد الماء وتأكل الشجر، حتى يأتيها ربها، فقال: فضالة الغنم؟ فقال: خذها، فهي لك، أو لأخيك، أو للذئب) ، فيقاس على الإبل الخيل؛ لأنها تهرب فلا يدركها السبع -الذئب ونحوه- وكذلك البقر، فإنها تمتنع من الذئاب العادية، ولا تقدر على افتراسها غالباً، ولكن قد تفترس إذا اجتمع عليها اثنان أو ثلاثة، وكذلك الإبل قد يجتمع عليها ثلاثة من الذئاب أو أربعة.

القسم الثالث: بقية الأموال.

فالحاصل: أن الضوال ثلاثة أقسام: الأول: لا تتبعه همة أوساط الناس، فهذا لا يلتقط، ولا يعرف.

الثاني: ما يمتنع بنفسه من صغار السباع، كالخيل والإبل والبقر، فيحرم التقاطها، ولا تملك بالتعريف، ولو عرفها عشر سنين.

الثالث: بقية الأموال، كالأثمان -الدراهم والدنانير- والمصاغ: حلي الذهب أو الفضة، والأمتعة، كالأقمشة والفرش، والأدفئة والقدور والأواني، والدواب والغنم ضأناً أو معزاً، والفصلان، وهي: أولاد الإبل الصغار، والعجاجيل: أولاد البقر، وهي جمع عجل، فهذه لمن أمن نفسه عليها أخذها، وأما إذا لم يأمن نفسه عليها فلا يأخذها.

وعليه يحمل حديث: (لا يؤوي الضالة إلا ضال) ، ويتأكد إذا خاف عليها، كأن يخاف على الشاة أن تفترس، أو خاف على الدراهم أن تلتقط، فيلتقطها من يخفيها، وكذلك إذا خاف على بقية المتاع كحقيبة مثلاً: ويعرف أن صاحبها سوف يأتي قريباً، وأنه إذا لم يأخذها اختطفت ففي هذه الحال يحفظها.

يقول: (فلمن أمن نفسه عليها أخذها) يعني: التقاطها، وأما إذا لم يأمن نفسه وخشي أن نفسه تطمع فيها ويخفيها وهو يعرف أهلها أو لا يعرفهم، فإنه -والحال هذه- يعتبر ظالماً بأخذها، بل عليه أن يتركها؛ ليأخذها من يحفظها، ثم إذا أخذها فعليه حفظها، ولا يجوز له إهمالها؛ وذلك لأنها دخلت في عهدته، وإذا أهملها فإنه يضمن، فلو أنه أتى بالشاة وأدخلها مع غنمه ثم بعد ذلك أخرجها، فافترست، فإنه يضمنها؛ وذلك لأنها دخلت في ضمانه، فعليه أن يحفظها.

وكذلك لو أخذ الحقيبة مثلاً، أو الجراب أو الكيس، ثم جاء به إلى بيته، ثم رده إلى مكانه، فإنه يضمن، وما ذاك إلا أنه أزال مكانها التي كانت فيها، وأزالها من موضعها، وربما أن صاحبها جاء بعد شهر فلم يجدها، وأيس منها، فإذا ردها فإنه يضمن، ويجب بعد ذلك تعريفها.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015