الشرط الثالث: كونها أرضاً تجب قسمتها.
وهذا فيه خلاف، فقسمة الأرض تنقسم إلى قسمين: قسمة إجبار، وقسمة تراضٍ.
فقسمة الإجبار: إذا كانت الأرض واسعة، وإذا قسمت لم يتضرر أحدهما، كأرض مساحتها مائة متر، فإذا قسمت أمكن صاحب الخمسين متراً أن يزرع فيها وأن يحفر وأن يبني وأن يغرس، فلا ضرر عليه بالقسمة، وهذا إذا طلب القسمة ألزم الثاني بأن يقسم معه.
أما ما لا يقسم إلا بضرر، فيسمى قسمة تراضٍ، فإذا كان بينهما -مثلاً- دكان عرضه متران، وطوله ثلاثة أمتار، وطلب أحدهما أن يقسم نصفين، فإن شريكه يقول: علي ضرر، لأنه لا يبقى إلا نحو متر وربما ينقصه الجدار فماذا يفيد؟! أنا لا أتمكن من الانتفاع به؛ فهذا لا يقسم إلا بتراضٍ، فإن تراضيا فلهما ذلك، فأما إذا لم يتراضيا فلا.
فهل تقع شفعة في هذا الدكان إذا باع أحدهما نصفه؟ الصحيح أن فيه شفعة ولو لم تجب القسمة؛ وذلك لأن الضرر فيه أشد.
وكذلك البيت إذا كان عرضه ستة أمتار وطوله سبعة أمتار أو ثمانية، وهو مشترك بين اثنين، وطلب أحدهما نصيبه قسمة، فلا يقسم إلا بالتراضي؛ لأنه إذا قسم فسد ولم ينتفع به، والصحيح أنه إذا باع أحدهما نصيبه ثبتت الشفعة.
قوله: (ويدخل غراس وبناء تبعاً) ، فإذا بيع البستان وهو بين اثنين نصفين، فباع أحدهما نصفه، وفيه غراس وبناء فإنه يدخل تبعاً، وذلك لأنه معلوم أنه للاستقرار وللدوام، والإنسان إذا بنى داراً فالعادة أنها ليست مؤقتة؛ يقول: هذه داري طول حياتي، ومن اشتراها فإنه يقول: أسكن فيها طول الحياة فليست مؤقتة.
وكذلك إذا غرس فيها شجراً كنخل أو ليمون أو رمان، فالعادة أيضاً أنه يبقى، وليس مثل الذي يموت بسرعة كبطيخ ونحوه.
فإذا شفع الشافع انتزعهما من المشتري وأعطاه ثمنه، وذلك إذا باع شريكه نصف الأرض بما فيها من البيوت وبما فيها من الأشجار.
قوله: (لا ثمرة وزرع) يعني: إذا باعها وفيها ثمر فالعادة -كما تقدم- أنه للبائع، وكذلك الزرع لبائع إلى الحصاد والجذاذ إلا إذا اشترطه المشتري، وقد تقدم هذا في الأصول والثمار.