إذا تلف المغصوب وطالب به صاحبه، فإنه يضمن، وكيف يضمن؟ يضمن إذا كان مثلياً بمثله، وإذا كان غير مثلي بقيمته.
المثلي: هو المكيل والموزون وما أشبه ذلك من المقدرات، فإذا غصب سمناً ثم طالب به صاحبه، فيرد عليه سمناً ولو كان قد أتلفه واستهلكه، وإذا غصب براً أو أرزاً فإنه يشتري له بدله، إذا كان قد أكله.
وكذلك إذا غصب قماشاً يرد عليه مثله؛ لأنه موجود، ولو غصب زيتاً أو عسلاً رد عليه مثله؛ لأنه موجود.
أما غير المثلي فيرد الضامن قيمته يوم أتلفه أو يوم طالب به صاحبه.
وغير المثلي هو المصنوعات التي تدخلها اليد الصناعية كالسكاكين والخناجر والقدور والقرب والأسقية والأحذية، فقد كانت قديماً تصنع باليد، وتتفاوت، فتكون هذه القربة أكبر من هذه -مثلاً- وهذا الجلد أحسن من هذا، وهذا الحذاء أفضل من هذا، ولا تتساوى عادة، فلذلك تضمن بقيمتها.
وكذلك أيضاً بهيمة الأنعام، فإذا غصب شاة فالغنم أيضاً تتفاوت ويصعب أن يوجد لها مماثل سواء في سمنها وفي كبرها وفي لونها وسنها، فلذلك كان عليه قيمتها.
وعرفنا أن الغالب في هذه الأزمنة أن المصنوعات تتقارب، فالأحذية تتقارب، وكذلك الثياب التي تخاط بالماكنة تتقارب، والكتب التي تطبع طبعة واحدة متقاربة، والقدور والصحون والأباريق والأقلام والسكاكين والملاعق الغالب أنه لا تفاوت بينها، حيث إنها تصنع بماكنة فلا يقع تفاوت بينها، فيضمن القدر بمثله من أي نوع، ويضمن السكين بمثلها، ويضمن البساط بمثله والثوب بمثله، والخيمة بمثلها، لتقاربها وعدم التفاوت بينها.