هناك تعريفات أخرى للحسن، كتعريف ابن الجوزي مثلاً، وتعريف ابن الصلاح وتقسيمه، على كل حال التعريفات كثيرة للحسن، نقتصر على ما ذكره المؤلف اختصاراً للوقت.

(تعريفات أخرى للحسن)

قال الشيخ أبو عمرو بن الصلاح -رحمه الله-: وقال بعض المتأخرين: الحديث الذي فيه ضعف قريب مُحتمل، هو الحديث الحسن، ويصلح العمل به، ثم قال الشيخ: وكل هذا مستبهم لا يشفي الغليل، وليس فيما ذكره الترمذي والخطابي ما يفصل الحسن عن الصحيح، وقد أمعنت النظر في ذلك والبحث، فتنقح لي واتضح أن الحديث الحسن قسمان: أحدهما: الحديث الذي لا يخلو رجال إسناده من مستور لم تتحقق أهليته، غير أنه ليس مغفلاً كثير الخطأ، ولا هو متهم بالكذب، ويكون متن الحديث قد روي مثله أو نحوه من وجه آخر، فيخرج بذلك عن كونه شاذاً أو منكراً، ثم قال: وكلام الترمذي على هذا القسم يُتنزل.

قلت: لا يمكن تنزيله لما ذكرناه عنه، والله أعلم.

قال: القسم الثاني: أن يكون راويه من المشهورين بالصدق والأمانة، ولم يبلغ درجة رجال الصحيح في الحفظ والإتقان، ولا يُعد ما ينفرد به منكراً، ولا يكون المتن شاذاً ولا معللاً، قال: وعلى هذا يتنزل كلام الخطابي، قال: والذي ذكرناه يجمع بين كلاميهما.

قال الشيخ أبو عمرو: ولا يلزم من ورود الحديث من طرق متعددة كحديث ((الأذنان من الرأس)) أن يكون حسناً؛ لأن الضعف يتفاوت، فمنه ما لا يزول بالمتابعات، يعني لا يؤثر كونه تابعاً أو متبوعاً، كرواية الكذابين أو المتروكين ونحوهم، ومنه ضعف يزول بالمتابعة، كما إذا كان راويه سيء الحفظ، أو روي الحديث مرسلاً فإن المتابعة تنفع حينئذٍ، وترفع الحديث عن حضيض الضعف إلى أوج الحسن أو الصحة، والله أعلم.

ذكر الحافظ -رحمه الله- ابن كثير نقلاً عن الشيخ أبي عمرو بن الصلاح تعريف ابن الجوزي، وهو موجود في مقدمة الموضوعات لابن الجوزي، لكن هو اعتنى بكتاب ابن الصلاح فلم يرجع إلى الأصول مباشرة، ولذا خفي عليه موضع كلام الترمذي على ما تقدم، بعض المتأخرين يريد به أبا الفرج بن الجوزي في مقدمة الموضوعات حدّ الحديث الحسن: بأنه الذي فيه ضعف قريب محتمل.

وقيل: ما ضعف قريب محتمل ... قلت: وما بكل ذا حدٍ حصل

طور بواسطة نورين ميديا © 2015