نسب إلى الإمام البخاري كما قال ابن الوزير وغيره أنه لا يحتج بالحسن في الحلال والحرام، وهو ظاهر كلام أبي الحسن بن القطان لا سيما في الحسن لغيره، وقال بذلك أبو حاتم الرازي فيما يظهر من كلامه على بعض الرواة أنه قال في بعضهم: وحسن الحديث، قيل له: أتحتج به؟ قال: لا، وفي بعض الرواة قال: هو صدوق، قيل: وهل تحتج به؟ قال: لا، وإن كان عنده الصدوق حديثه من قبيل الضعيف؛ لأن اللفظ لا يشعر بشريطة الضبط، على ما سيأتي -إن شاء الله تعالى- في ألفاظ الجرح والتعديل، ابن العربي في (عارضة الأحوذي) رجح هذا الاحتجاج بالحديث الحسن.
المقصود أنه محل نظر، وإن كان الجمهور على قبوله، والسبب في الخلاف، منشأ الخلاف أن راوي الحسن خفّ ضبطه قليلاً عن راوي الصحيح، فمن نظر إلى أصل الضبط احتج به، ومن نظر إلى أن هذا الضبط قد خف، والأخبار ينبغي أن يتثبت فيها، ويحتاج لها، قال: إنه لا يحتجّ به، وعلى كل حال المعتمد عند أهل العلم الاحتجاج به، وأنه كالصحيح في الحجية، بالنسبة لتعريف الحسن اختلفت أقوال العلماء فيه، وتباينت أنظارهم، وما من تعريف من تعاريفه إلا وعليه ما يلاحظ، حتى جزم بعض الحفاظ أنه لا مطمع في تمييزه، والسبب في ذلكم أنه في مرتبة متوسطة بين الصحيح والضعيف، فمتى يقرب من الصحيح؟ ومتى يقرب من الضعيف؟ هذه منزلة متأرجحة بين أمرين سببت كثرة طول الخلاف في تعريفه وتمييزه، وهو أيضاً كما أشار الحافظ -رحمه الله تعالى- أنه شيء ينقدح عند الحافظ ربما تقصر عبارته عنه، كما قالوا في الاستحسان، شيء ينقدح في ذهن المجتهد لا يستطيع التعبير عنه، وهنا يحكم على هذا الراوي الذي كلام لأهل العلم أن حديثه من قبيل الحسن، ويحكم على هذا الحديث الذي اختلف فيه العلماء من مصحح ومضعف بأنه أو ينقدح في ذهنه أنه حسن.
يقول: "وقد تجشم كثير منهم حده" تجشّم، التجشّم إنما يكون في الأمور الصعبة، فدل على أن حد الحديث الحسن وتمييزه أمر صعب، "فقال الخطابي -يعني في مقدمة معالم السنن- هو ما عرف مخرجه، واشتهر رجاله" انتهى الحد وبقي الحكم؟ أو ما زال الحد ناقص؟ "ما عرف مخرجه، واشتهر رجاله" إن كان الحد قد انتهى كما يراه الحافظ العراقي -رحمه الله-: