وهؤلاء تأخرت وفياتهم حتى احتاج الناس إلى علمهم فنقلت مذاهبهم، أما ابن مسعود تقدمت وفاته، فلذا لم يعده الإمام أحمد من العبادلة، وإن قاله الجوهري، وغلط في ذلك، له أوهام الجوهري.
"وأما عبد الله بن مسعود فليس منهم، قاله أحمد بن حنبل خلافاً للجوهري حيث عدَّه منهم، وقد كانت وفاته سنة إحدى وثلاثين، قال ابن الصلاح: الثالث أصحاب المذاهب الخمسة المتبوعة، سفيان الثوري توفي بالبصرة سنة إحدى وستين ومائة وله أربعٌ وستون سنة .. "
له مذهب سفيان الثوري، له مذهب انقرض تبعه أناس إلى القرن الثالث، ثم انقرض مذهبه كالأوزاعي، الطبري أيضاً صار له مذهب متبوع وانقرض، داود الظاهري له أتباع، المقصود هؤلاء هم الأئمة المتبوعون، ولم يبقَ من المذاهب إلا الأربعة من مذاهب أهل السنة الذين يعتد بهم في الإجماع والخلاف، وأما ما عداهم فلا عبرة بهم.
"وتوفي مالكُ بن أنس بالمدينة سنة وتسعين وسبعين ومائة، وقد جاوز الثمانين، وتوفي أبو حنيفة ببغداد سنة خمسين ومائةٍ وله سبعون سنة، وتوفي الشافعي محمد بن إدريس سنة أربعٍ ومائتين عن أربعٍ وخمسين سنة، وتوفي أحمد بن حنبل ببغداد سنة إحدى وأربعين ومائتين عن سبعٍ وسبعين سنة.
قلتُ: وقد كان أهل الشام على مذهبٍ الأوزاعي نحواً من مائتي سنة، وكانت وفاته سنةَ سبعين وخمسين ومائة ببيروت من ساحل الشام، وله من العمر بضعٌ وستون، وكذلك إسحاق بن راهويه .. "
راهَوَيه راهَوَيه .... المحدثون يقولون: راهَوْيه، ويقولون: إن (ويه) اسم من أسماء الشيطان، ويعتمدون في ذلك على خبرٍ ضعيف، لكن الجادة عندهم -عند أهل اللغة والنحو- هو راهويه مثل سيبويه، ونفطويه.
"وكذلك إسحاق بن راهويه قد كان إماماً متبعاً له طائفةٌ يقلدونه ويجتهدون على مسلكه، يقال لهم: الإسحاقية، وقد كانت وفاته سنة ثمانٍ وثلاثين ومائتين عن بضعٍ وسبعين سنة.