المقصود أن النووي خالف ابن الصلاح فيما ذهب إليه، وأظن الخلاف لفظي؛ لأن ابن الصلاح نظر إلى خبر الواحد المحتف بالقرينة كما قرره شيخ الإسلام، ولا يمكن أن يقول ابن الصلاح: أن أي خبر يأتي به ثقة يقطع به من غير نظر إلى قرينة، النووي نظر إلى الخبر مجرد، والنظر إلى الخبر مجرد لا يفيد إلا الظن، ومن نظر إليه مع القرائن التي احتفت به قال: أنه يفيد القطع.
أما ما ذهب إليه داود الظاهري وحسين الكرابيسي من أنه يفيد القطع مطلقاً فلا وجه له لما عرفنا، شيخ الإسلام -رحمه الله- يقول الحافظ ابن كثير: "وأنا مع ابن الصلاح فيما عول عليه، وأرشد إليه -يعني تابع ابن الصلاح في ذلك- ثم وقفت بعد هذا على كلام شيخنا العلامة ابن تيمية مضمونه أنه نقل القطع بالحديث الذي تلقته الأمة بالقبول" هذه قرينة عن جماعات من الأئمة منهم القاضي عبد الوهاب المالكي، شيخ الإسلام صرح في مواطن كثيرة من منهاج السنة أن الخبر الذي تحتف به قرينة يفيد القطع "مضمونه أنه نقل القطع بالحديث الذي تلقته الأمة بالقبول عن جماعاتٍ من الأئمة منهم القاضي عبد الوهاب المالكي والشيخ أبو حامد الاسفراييني، القاضي أبو الطيب الطبري، ابن اسحق الشيرازي، -هؤلاء من أئمة الشافعية- وابن حامد وأبو يعلى، وابن الخطاب وابن الزاغوني من الحنابلة، السَّرَخسي -أو السَّرْخسي يجوز هذا وذاك- من الحنفية، قال: وهو قول أكثر أهل الكلام من الأشعرية وغيرهم ... ".