فرع: وتعرف صحبة الصحابة تارة بالتواتر، وتارة بأخبار مستفيضة، وتارة بشهادة غيره من الصحابة له، وتارة بروايته عن النبي -صلى الله عليه وسلم- سماعاً أو مشاهدةً مع المعاصرة، فأما إذا قال المعاصر العدل: أنا صحابي فقد قال ابن الحاجب في مختصره: احتمل الخلاف، يعني؛ لأنه يخبر عن حكمٍ شرعي، كما لو قال في الناسخ: هذا ناسخ لهذا لاحتمال خطأه في ذلك، أما لو قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال كذا، أو رأيته فعل كذا، أو كنا عند رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ونحو هذا فهذا مقبول لا محالة، إذا صح السند إليه، وهو ممن عاصره -عليه الصلاة والسلام-.
ختم الإمام الحافظ ابن كثير -رحمه الله تعالى- هذا الفصل وهذا النوع بما تعرف به الصحبة، تعرف صحبة الصحابة تارة بالتواتر، التواتر المفيد للعلم القطعي الضروري الذي يجد الإنسان نفسه مضطراً إلى تصديقه، لا شك أن من الصحابة من لا يخفى أمره على أحد، إذا مرَّ عليك ذكر عمر أو عثمان أو أبو هريرة أو أنس هل تحتاج أن تراجع كتب الصحابة لتنظر هل هو موجود أو لا؟ لا يمكن، بل ثبتت صحبة مثل هؤلاء، ومثلهم كثيرٌ جداً بالتواتر، وثبتت صحبة بعضهم بالأخبار المستفيضة المشتهرة التي جاءت من طرق مما يدل على صحبتهم.
"تارة بروايته عن النبي -عليه الصلاة والسلام-"، "تارة بشهادة غيره من الصحابة" إذا شهد له صحابي، تقدم أن الصحابة كلهم عدول، أخبارهم مقبولة، فإذا أخبر صحابي عن شخص بأنه صحابي قبل قوله؛ لأن هذا خبر وليس بشهادة، ويقبل خبر الواحد عند جماهير أهل العلم؛ لأن هذا مما يختلف به .. ، تختلف به الرواية عن الشهادة، الرواية يكفي فيها الواحد، ولو كان عبداً أو امرأة، بخلاف الشهادة فلا بد فيها من اثنين، ولا تدخل شهادة المرأة، ولا تقبل شهادة العبد في كثيرٍ من الأبواب.