أقول: إذا أمكن قبول الدعوى من شخصٍ ثقة ثبتت صحبته على ما سيأتي بما تثبت به الصحبة، لكن إذا لم يمكن سنة مائة واثنا عشر شخص قال: هو صحابي، وظاهره العدالة، نقول: لا؛ لأنه ثبت في الحديث الصحيح أن النبي -عليه الصلاة والسلام- قال: ((ما من نفسٍ منفوسة يأتي عليها مائة سنة ممن هو على وجه الأرض .. )) صح وإلا لا؟ الحديث. . . . . . . . . ما تكمل، فهذا يعارض، ولذا جزم أهل العلم أن آخر من مات من الصحابة أبو الطفيل عامر بن واثلة مات سنة عشرٍ ومائة، وقد ادعى رتن الهندي الصحبة بعد ستمائة، وصدقه جمعٌ غفير من أوباش الناس، واعتقدوا فيه، زعم أنه صحابي، وهو جاء بعد الستمائة، وترجم في كتب الرجال، لكن لبيان كذبه وافترائه، والله المستعان.
"روى شعبة عن موسى السبلاني – أو السيلاني- وأثنى عليه خيراً قال: قلتُ لأنس بن مالك" وقد توفي سنة ثلاثٍ وتسعين في أواخر القرن الأول: "هل بقي من أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أحدٌ غيرك؟ قال: ناس من الأعراب رأوه، فأما من صحبه فلا، رواه مسلم، في حضرة أبي زرعة" خبر جيد، إسناده جيد، لكن الصحبة المنفية هي التي تثبت لمن دام الصحبة، الصحبة اللغوية، الصحبة العرفية، لا الصحبة الشرعية، الصحبة العرفية يعني شخص لقيته في الشارع تقول: هذا صاحبٍ لي، أو جمعك به مجلس واحد لمدة ساعة أو نصف ساعة، تقول: هذا صاحب؟ نعم عرفاً ليس بصاحب، فهذا المنفي في هذا الخبر، أما الصحبة المحررة للصحابة عند جمهور أهل العلم فتثبت بمجرد الرؤية.
"وهذا إنما نفى فيه الصحبة الخاصة، ولا ينفي ما اصطلح عليه الجمهور من أن مجرد الرؤية كافٍ في إطلاق الصحبة لشرف رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وجلالة قدره، وقدر من رآه من المسلمين، ولهذا جاء في بعض ألفاظ الحديث: ((تغزون)) -حديث صحيح مخرج في الصحيحين وغيره- ((تغزون فيقال: هل فيكم من رأى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؟ فيقولون: نعم، فيفتح لهم)) حتى ذكر من رأى من رأى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الحديث بتمامه" يعني فيفتح لهم.