النوع السابع والثلاثون: معرفة المزيد في الأسانيد، وهو أن يزيد راوٍ في الإسناد رجلاً لم يذكره غيره، وهذا يقع كثيراً في أحاديث متعددة، وقد صنف الحافظ الخطيب البغدادي -رحمه الله- في ذلك كتاباً حافلاً، قال ابن الصلاح: وفي بعض ما ذكره نظر، ومثَّل ابن الصلاح هذا النوع بما رواه بعضهم عن عبد الله بن المبارك عن سفيان عن عبد الله بن يزيد بن جابر قال: حدثني بُسر بن عبيد الله، قال: سمعت أبا إدريس يقول: سمعت واثلة بن الأصقع يقول: سمعت أبا مرفد الغنوي يقول: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: ((لا تجلسوا على القبور، ولا تصلوا إليها)) ورواه آخرون عن ابن المبارك فلم يذكروا سفيان، وقال أبو حاتم الرازي: وهم ابن المبارك في إدخاله أبا إدريس في الإسناد، فهاتان زيادتان.
النوع الثامن والثلاثون: معرفة الخفي من المراسيل، وهو يعم المنقطع والمعضل أيضاً، وقد صنف الخطيب البغدادي في ذلك كتابه المسمى بـ (التفصيل لمبهم المراسيل).
وهذا النوع إنما يدركه نقاد الحديث وجهابذته قديماً وحديثاً, وقد كان شيخنا الحافظ المزي إماماً في ذلك، وعجباً من العجب فرحمه الله، وبل بالمغفرة ثراه.
فإن الإسناد إذا عرض على كثير من العلماء ممن لم يدرك ثقات الرجال وضعفاءهم قد يغتر بظاهره, ويرى رجاله ثقات فيحكم بصحته ولا يهتدي لما فيه من الانقطاع أو الإعضال أو الإرسال; لأنه قد لا يميز الصحابي من التابعي، والله الملهم للصواب.
ومثَّل هذا النوع ابن الصلاح بما روى العوَّام بن حوشب عن عبد الله بن أبي أوفى قال: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا قال بلال: قد قامت الصلاة نهض وكبر، قال الإمام أحمد: لم يلقَ العوَّام ابن أبي أوفى يعني فيكون منقطعاً بينهما، فيضعف الحديث لاحتمال أنه رواه عن رجلٍ ضعيفٍ عنه، والله أعلم.