شرح كتاب اختصار علوم الحديث للحافظ ابن كثير (15)
شرح: النوع السابع والثلاثون: معرفة المزيد في الأسانيد، والنوع الثامن والثلاثون: معرفة الخفي من المراسيل، والنوع التاسع والثلاثون: معرفة الصحابة -رضي الله عنهم أجمعين-
الشيخ/ عبد الكريم بن عبد الله الخضير
لا يسري بنفسه، وليست مخالطة الصحيح للسليم تسبب انتقال المرض بذاته وبنفسه إلى السليم، لكن هناك عدوى، المعاشرة والمخالطة سبب، والناقل للمرض هو الله -سبحانه وتعالى-، فالمنفي بقوله -عليه الصلاة والسلام-: ((لا عدوى)) كون المرض يتعدى ويسري بنفسه، ويستقل بالسريان، والأمر بالفرار من المجذوم لأن المخالطة سبب للانتقال، والمسبب هو الله -سبحانه وتعالى-، أظن هذا ظاهر مخالفته للقول الأول، لذاك منحى وذاك منحى، ماذا يترتب على القولين؟ يترتب على القولين أنه على القول الأول إذا كان عندك مزيد ثقة وتوكل على الله -سبحانه وتعالى-، وأنك لو أصبت ابتداءً بهذا الداء أنك لا تلتفت إلى معاشرتك لهذا المريض، ويجول بخاطرك أنك لو لم تخالط هذا المريض ما أصابك شيء، والحديث يقول: ((من أعدى الأول)) هذا على القول الأول، وأنه لا عدوى مطلقاً، فإذا قوي توكل الشخص يجلس مع المريض، ويعاشر المريض، ويأكل معه ويشرب، لكن إن أصيب ابتداءً من غير عدوى وانتقال المرض المنفي في الحديث إن كان ممن يقوى توكله على تحمل مثل هذا المرض، وعدم نسبة إصابته بالمرض إلى مخالطته المريض فليفعل، وإلا فليفر من المجذوم فراره من الأسد.
على القول الثاني: أن هناك عدوى، هناك تأثير لكن المخالطة سبب، سبب مرتب على المخالطة، العدوى المنفية كون المرض يتعدى بنفسه، ويسري بنفسه، والأمر بالفرار لأن للمخالطة أثر، فالمخالطة سبب، والمسبب هو الله -سبحانه وتعالى-، فمن هذه الحيثية تجد الإنسان إذا أراد أن يوفق بين النصوص أحياناً يوفق إلى الجمع القوي، وأحياناً يوفق إلى جمع متوسط، وأحياناً يوفق إلى جمعٍ ضعيف، وأحياناً لا يوفق إلى وجه الجمع أصلاً، ولذا جاء كتاب ابن قتيبة على رغم إفادته وأهميته فيه شيء غث، وقد أحسن من وجه وأساء من وجه، كما قال ابن الصلاح.