"قال بعض المتكلمين: كلما طال الإسناد كان النظر في التراجم والجرح والتعديل أكثر" يقول: بدل من أن تنظر في حديث إسناده ثلاثي تنظر في تراجم هؤلاء الرواة، كل واحد بخمس دقائق تبي لك ربع ساعة لتنتهي من هؤلاء الثلاثة بربع ساعة، لكن لو كان تساعي تحتاج إلى ثلاثة أرباع الساعة، ثلاثة أضعاف من الوقت والأجر على قدر النصب، وأنت تعبت ثلاثة أرباع ساعة أفضل من أن تتعب ربع ساعة، لكن هذا كلام من لا يفقه من هذا العلم شيء، ولا يعرف أن المشقة ليست مطلوبة لذاتها، فإذا ثبتت تبعاً للعبادة أجر المسلم عليها، أما لذاتها يريد أن يشق على نفسه لذات المشقة فلا.

لو كان منزله بعيداً عن المسجد كتب له أجر هذه الخطوات، لكن لو كان المسجد قريب منه، بيته قريب من المسجد، قال: بدلاً من أن أخطو عشرين خطوة إلى المسجد، أروح أدور على الحارة، أخطو ألف خطوة، نقول: ما لك أجر، ليس لك من الأجر شيء؛ لأن تعبك هذا وخطواتك ليست للعبادة؛ لأن هذا المشي لا يقصد لذاته هو تابع للعبادة، لو قال: أنا أحج بدلاً من أن أذهب من الطريق المستقيم ثمانمائة كيلو أروح أقصى الشرق ثم أقصى الشمال، ثم آتي إلى الغربية في خمسة آلاف كيلو، نقول: لا، ما لك أجر، نعم الأجر على قدر النصب، إذا كان هذا النصب مما تتطلبه العبادة؛ لأن الوسائل لها أحكام المقاصد.

"فيكون الأجر على قدر المشقة، وهذا لا يقابل ما ذكرنا، والله أعلم" ما في شك أن النظر في هذا الباب إلى الصحة والضعف والتعب لا دخل له في هذا الباب، ولا في هذا الشأن.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015