على كل حال الرحلة أمرٌ مطلوب للحاجة؛ لأن الرحلة لذاتها ليست مقصودة، بل إذا انتقل الإنسان إلى البلدان من أجل المكاثرة في الشيوخ، أو من أجل أن يقول: انتقل ورحل وفعل، هذا قدح وليس بمدح.
"قالوا: وينبغي له أن يستعمل ما يمكنه من فضائل الأعمال الواردة في الأحاديث" نعم؛ لأن الفائدة من العلم العمل، ما الذي يستفيده الطالب إذا جمع ألوف مؤلفة من الأحاديث وهو لا يعمل؟ لا يستفيد شيئاً؛ لأن الفائدة من العلم هو العمل، "كان بشر بن الحارث -الحافي- يقول: يا أصحاب الحديث أدوا زكاة الحديث، من كل مائتي حديث خمسة أحاديث" يعني اعملوا من كل مائتي حديث خمسة أحاديث، اعملوا بخمسة تكونوا أديتم الزكاة، وهذا في الأحاديث المتداخلة، أما تعمل بخمسة وتترك مائة وخمسة وتسعين بدون عمل، العلم بلا عمل كالشجر بلا ثمر، لا قيمة له، هم يحفظون ألوف مؤلفة من الأحاديث بطرقها، فإذا أدوا زكاتها وعملوا بالخمس، عملوا بأحكام الشريعة كلها.
"وقال عمرو بن قيسٍ الملائي: إذا بلغك شيءٌ من الخير فاعمل به -بادر إلى العمل به- ولو مرة، تكن من أهله" هذا في غير الواجبات، وكلما أكثرت كان الله في الثواب أكثر.
"قال وكيع: وإذا أردت حفظ الحديث فاعمل به" يعني أدعية الاستفتاح لولا أنها مما يستعمل لصعب حفظها، التشهد وغير ذلك من الأذكار لولا أنها يعمل بها لصعب حفظها، ولذا لا تجد عند من لا يعمل من العلم إلا الشيء القليل؛ لأن العلم النظري ما يثبت، لكن إذا طبق وعمل به ثبت "إذا أردت حفظ الحديث فاعمل به".
قال: "ولا يطول على الشيخ في السماع حتى يضجره" يأتي ليعرض على الشيخ فيقرأ عليه، يقرأ، يقرأ، إذا قال الشيخ: بركة، قال: لا، بعد شوي، شوي شوي. . . . . . . . .، لا تضجره، ما يدريك عن ظرف الشيخ.