"قالوا -وهذا من الآداب التي ينبغي أن يتحلى بها المحدث وطالب الحديث أيضاً-: ينبغي أن يكون المحدث جميل الأخلاق" كريم النفس، سهل، سمح، يصبر على جفا الطلاب، وعلى جهل بعضهم، وشدة بعضهم تأسياً بالنبي -عليه الصلاة والسلام-، قد لقي من الأذى، ولقي من سوء المعاملة من بعض الناس ما لقي، وقال عن موسى -عليه السلام-: ((رحم الله موسى قد أوذي بأكثر من هذا فصبر)) هذه طريقة الأنبياء، وهي أيضاً ينبغي أن تكون طريقة الوراث، وراث الأنبياء، ورثة الأنبياء، ورثة الأنبياء هم العلماء، ينبغي أن يكون لهم بالأنبياء قدوة وأسوة، فعلى العالم أن يكون جميل الأخلاق، حسن الطريقة، إن لم تكن هذه سجية، وغريزة جبل عليها الإنسان وهذا من فضل الله -سبحانه وتعالى- أن يجبل على مكارم الأخلاق، ومحاسن الشيم، إن لم يكن كذلك فليتخلق وليتطبع، فإنه يؤجر على هذا التخلق وهذا التطبع، وفي النهاية يكون خلقاً بعد أن كان اكتساباً يكون جبلياً، والله -سبحانه وتعالى- إذا علم صدق النية أعان.

يقول: "حسن الطريقة" حسن السيرة، حس السمت، حسن الطريقة في هيئته، في ملبسه متوسط لا يبالغ ولا يغالي، وأيضاً لا يكون .. ، يظهر بمظهر يستقذره الناس ويستقبحونه، بل يكون متوسط في أموره كلها، أيضاً يكون في هيئته ونظراته ومشيته وتعامله مع الناس أسوة وقدوة للناس، وكم من شخصٍ استفاد الناس من هيئته أكثر من علمه، ابن الجوزي ذكر في فهرست شيوخه عن أحد شيوخه أنه استفاد من بكائه أكثر مما استفاد من علمه، لا شك أن مثل هذه الأمور لها أثر في الطلاب، والله المستعان.

حسن الطريقة أيضاً في التعليم، في إيصال المعلومة إلى الطالب، ينبغي أن يكون الشيخ أيضاً يقصد الوضوح في الأسلوب، والتكرار غير الممل، والتغيير في الأساليب التي جربها ووجدها لا تجدي، وأيضاً يحرص كل الحرص على إفادة الطالب والنصح له، وأن يكون "صحيح النية" والمدار عليها؛ لأن العلم الشرعي عبادة إذا طلبت لغير وجه الله -سبحانه وتعالى- ضرت، فالذي يريد زينة الحياة الدنيا ليس لهم في الآخرة -نسأل الله العافية- إلا النار، نسأل الله العافية.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015