وأما إذا كان الاعتماد على حفظ غيره وخطه وضبطه فهاهنا كلما كان السن عالياً كان الناس أرغب بالسماع عليه، كما اتفق لشيخنا أبي العباس أحمد بن أبي طالب الحجار فإنه جاوز المائة محققاً، سمع على الزبيدي سنة ثلاثين وستمائة صحيح البخاري، وأسمعه في سنة ثلاثين وسبعمائة، وكان شيخاً كبيراً عامياً لا يضبط شيئاً، ولا يتعقل كثيراً من المعاني الظاهرة، ومع هذا تداعى الناس إلى السماع منه عند تفرده عن الزبيدي، وسمع منه نحوٌ من مائة ألفٍ أو يزيدون ...
يقول -رحمه الله تعالى-: "النوع السابع والعشرون: في آداب المحدث" وهذا النوع والذي يليه من أولى ما ينبغي أن يعتني به طالب العلم؛ لأن طالب العلم بحاجة إلى الأدب؛ لأنه بصدد أن يؤدب الناس، فإذا لم يتأدب بنفسه كيف يؤدب غيره؟ فاقد الشيء لا يمكن أن يعطيه، لا بد أن يعتني بنفسه لكي يستطيع أن يؤثر في الناس.
يقول: "ألف الخطيب البغدادي في ذلك كتاباً سماه: (الجامع لآداب الراوي وأخلاق السامع) " ...