يقول: "حتى في أحرف من القرآن استمرت الرواية فيها على خلاف التلاوة" يمر آيات في صحيح البخاري وآيات في موطأ مالك وغيره جاءت على غير التلاوة المعروفة المتداولة بين الناس، "من غير أن يجيء ذلك في الشواذ" الروايات مروية، كما وقع في الصحيح من الموطأ، "ولكن أهل المعرفة منهم ينبهون على ذلك عند السماع في الحواشي" في الحاشية يقول: إن الصواب كذا، أو القراءة المعتمدة عندنا كذا، في بلدنا القراءة كذا؛ لأن بعض الناس اعتادوا على قراءة واحدة، ثم إذا قرأ في تفسير من التفاسير لفظة على غير ما اعتاده من القراءة هجم عليها وصححها، وإن كانت هذه القراءة معتمدة عند المفسر؛ لكونه يروي القرآن على قراءة غير القراءة التي اعتمدها من السبع مثلاً، وهذا من شؤم التصرف في كتب الآخرين.
"ومنهم من جسر على تغيير الكتب وإصلاحها" بعض الناس يجزم، نعم هناك من الناس من هو أهل ومع ذلكم يقع منه الخطأ، من يعرى من الخطأ؟ "منهم أبو الوليد هشام بن عبد الملك الوقشي لكثرة مطالعته وافتنانه" صاحب فنون وعلوم، وصاحب اطلاع واسع، ومعرفةٍ تامة، ومع ذلكم وقع فيما وقع فيه.
قال: "وقد غلط في أشياء من ذلك، وكذلك غيره ممن سلك مسلكه" ممن يهجم على الكتب ويصحح، قال: "والأولى سد باب التغيير والإصلاح؛ لئلا يجسر على ذلك من لا يحسن، وينبه على ذلك عند السماع" يقرأ الخطأ ويصحح ويقول: الصواب كذا.
"وعن عبد الله بن أحمد بن حنبل أن أباه كان يصلح اللحن الفاحش" اللي ما له تأويل، الذي ليس له محمل صحيح، "ويسكت عن الخفي السهل، قلتُ: ومن الناس من إذا سمع الحديث ملحوناً عن شيخ ترك روايته" حديث فيه لحن يتركه لا حاجة له به؛ لأنه إن تركه على الخطأ مشكل، وإن صححه وهجم عليه وصححه مشكل؛ "لأنه إن تبعه في ذلك فالنبي -عليه الصلاة والسلام- لم يكن يلحن، وإن رواه عنه على الصواب فلم يسمعه كذلك" ما سمع من شيخه هذا، فلا بد أن يخطئ في حق النبي -عليه الصلاة والسلام-، أو يخطئ في حق الشيخ الذي روَّاه الحديث، نعم.