فرعٌ آخر: إذا روى كتاباً كالبخاري مثلاً عن شيخٍ ثم وجد نسخة به ليست مقابلة على أصل شيخه، أو لم يجد أصل سماعه فيها عليه، لكنه تسكن نفسه إلى صحتها، فحكى الخطيب عن عامة أهل الحديث أنهم منعوا من الرواية بذلك، ومنهم الشيخ أبو نصر بن الصباغ الفقيه، وحُكي عن أيوب ومحمد بن بكرٍ البرساني أنهما رخصا في ذلك.

قلتُ: وإلى هذا أجنح، والله أعلم، وقد توسط الشيخ تقي الدين ابن الصلاح فقال: إن كانت له من شيخه إجازة جازت روايته والحالة هذه.

في هذا الفرع يقرر الإمام -رحمه الله تعالى- أن الشخص إذا كانت له رواية لكتابٍ معين، يروي صحيح البخاري عن شيخ من الشيوخ، ثم وجد نسخة ليست مقابلة على أصل شيخه، المسألة مفترضة في شخص يروي صحيح البخاري، ثم وجد نسخة ليست مقابلة على أصل شيخه الذي روِّي له الأصل؛ لأن الأصل أن الشيخ إنما يروِّي لطلابه ما يرويه، فإذا كان الشيخ له رواية بالكتاب من طريقٍ معين، من طريق أبي ذر مثلاً، هل لمن يروي عن هذا الشيخ أن يروي البخاري عن طريق حماد بن شاكر مثلاً؟

طالب: لا.

لأن في هذه الرواية ما ليس في الأخرى؟ هذا مجرد ما رأى صحيح البخاري أخذه وبدأ يروِّي الناس منه، ما يدري على أي رواية كانت، وليست مقابلة على أصل شيخه، أو لم يجد أصل سماعه فيها عليه، لكنه تسكن نفسه إلى صحتها، لما تأملها واختبرها في مواضع وجدها مثل النسخة التي يروي منها، فحكى الخطيب عن عامة أهل الحديث أنهم منعوا من الرواية بذلك؛ لئلا يكون فيها من الزيادات ما لا يوجد في النسخة التي وصلته بالرواية، ومنهم الشيخ أبو نصر بن الصباغ فقيه، وهذا القول أيضاً محكيٌ عن أيوب السختياني ومحمد بن بكرٍ البرساني أنهما رخصا في ذلك، الأمر سهل، يعني إذا كان الفرق أحاديث يسيرة توجد في بعض الروايات، أو زيادة حروف أو نقص حروف أمرها سهل، لا سيما إذا كانت النفس تسكن إلى أن هذه النسخة مثل الأصل الذي يروي منه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015