الحكم في أهل هذه المراتب الأولى والثانية والثالثة هاذولاء ما فيهم إشكال، يعني من وثق سواءٌ كرر لفظ التوثيق أو جيء بأفعل التفضيل، أو وصف بأنه ثقة، هؤلاء لا إشكال ولا خلاف في الاحتجاج بهم، لكن الرابعة، "الرابعة من قصر من درجة الثالثة قليلاً، وإليه الإشارة بصدوق"، مثل هذا يحتج به أو لا يحتج به؟ وهي مسألة مهمة، عند ابن أبي حاتم وابن الصلاح أيضاً والسخاوي لا يحتج بهم ابتداءً، الصدوق ما يحتج به ابتداءً، وإنما يكتب حديثه، ويعتبر به، وينظر ويختبر، لماذا؟ لأن لفظ صدوق لا يشعر بشريطة الضبط، نعم هي مبالغة في الصدق، ومن باب التمثيل لو افترضنا أن شخصاً في يوم عيد يكثر الوارد عليه، وعنده ولد، طرق الباب بعد صلاة العيد، افتح يا ولد، فتح، من؟ فلان، وهذا صحيح طابق الواقع، صدق في خبره، طرق ثاني، وثالث، ورابع، وعاشر، ومائة، ومائتين في يوم العيد، ألا يستحق الوصف بصدوق؟ ما خالف الواقع ولا مرة، كلهم يقول: فلان وصحيح كلامه، لكن سأله أبوه من الغد: من جاءنا بالأمس؟ قال: فلان وفلان وفلان ذكر اثنين ثلاثة، ثم عجز أن يستحضر الباقي، ضابط وإلا ما هو بضابط؟ هذا ليس بضابط، يستحق الوصف .. ، وصف المبالغة بصدوق؛ لأنه لزم الصدق، ولا مرة واحدة قال: فلان وهو يكذب، لكن الوصف بصدوق لا يشرع بشريطة الضبط عند هؤلاء، ولذا لا يحتج بالصدوق.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015