إذا عرف المعدل ما جرحه به الجارح ونفاه بعينه، قال أحمد: ثقة، وقال ابن معين: ضعيف، لماذا يا ابن معين؟ لأنه قتل فلان يوم الخميس، قال أحمد: هذا الكلام ليس بصحيح أنا رأيته صلى معنا يوم الجمعة فكيف تقول: مقتول؟ فنفى الجرح بعينه، نعم روى حديثاً منكراً أثبته ابن معين، نفاه غيره من الأئمة، إما أن يكون نفى النكارة لوروده من طرق أخرى، أو أثبت أن الراوي لهذا الحديث المنكر غير الراوي الذي ألصق به، وكم من راوي زعم فيه التعدد والعكس، كم من شخص جعله بعضهم اثنين، وكم من رواة جعلهم بعض أهل العلم واحد، وينفع في هذا الباب كتاب الخطيب البغدادي -رحمه الله- (موضح أوهام الجمع والتفريق) فإذا قال ابن معين: فلان بن فلان ضعيف لأن حديثه منكر، قال له غيره من أهل العلم: لا، فلان الذي زعمت أنه هو الراوي لهذا الحديث غيره ثاني، فحينئذٍ يقدم التعديل؛ لأن السبب الذي جرح به نفي، فلا يقبل الجرح ولو كان مفسراً بالإطلاق.
يقول: "وهل هو المقدم أو التجريح بالكثرة أو الأحفظ؟ " لا شك أن من أهل العلم من يرجح بالكثرة، ومنهم من يرجح أهل الحفظ على من دونهم في الحفظ.
وقدموا الجرح لكن إن ظهر ... من عدّلَ الأكثرَ فهو المعتبر
الأصل أن المقدم الجرح إذا كان مفسراً، إن ظهر المعدلون أكثر من الجارحين فإنهم يقدمون عند قوم، وبعضهم قال: يقدم الجارح ولو واحد على الجمع من المعدلين للعلة التي ذكرت قبل، وبعضهم يقول: يقدم الأحفظ، هذا أعرف بالرواة وأحفظ وأكثر حفظاً للحديث فيقدم قوله ولو كان تعديلاً في مقابل قول من جرح.