والفضائل إن كانت مما يترتب على فعله ثواب دون تركه فهي من الأحكام، هي من الأحكام؛ لأن من الأحكام الخمسة المندوب، وعين الفضائل من المندوبات، إذا رتبنا على فعلها الثواب ولم نرتب على تركها شيء فهي المستحبات، هذا حد المندوب، والمندوب حكم من الأحكام التكليفية الخمسة، ولذا نستطيع أن نجمل الخلاف في العمل بالضعيف نقول: بالنسبة للعقائد والحلال والحرام محل اتفاق أنه لا يجوز العمل بالضعيف، بالنسبة للفضائل والقصص والمواعظ والترغيب والترهيب، وما أشبه ذلك، والتفسير أيضاً ألحقوه بها والمغازي كلها جمهور العلماء على العمل بالضعيف في هذه الأبواب بشروط: أن يكون الضعف غير شديد، وأن يندرج الحكم تحت أصلٍ عام، وألا يعتقد عند العمل به ثبوته، بل يعتقد الاحتياط، وزاد بعضهم شروطاً أخرى وصلت إلى العشرة، ويصعب تطبيقها على الواقع، والمسألة مفصلة بشروطها، وذكر من قال بذلك من أهل العلم بالتفصيل، ذكر الأقوال والموازنة بينها في رسالة اسمها: الحديث الضعيف وحكم الاحتجاج به، مسألة الاحتجاج استغرقت أكثر من سبعين صفحة، على كل حال الوقت لا يسعف، ويكفينا أن نعرف أن مذهب الجمهور هو الاحتجاج بالضعيف في الفضائل، والترغيب والترهيب والقصص والمواعظ والمغازي والسير والتفسير وما أشبه ذلك، يبقى مسألة الحلال والحرام والعقائد يشترط لها الصحة والحسن على أقل تقدير ومنهم من يرى أنه يحتج بالضعيف أيضاً في الحلال والحرام أيضاً، وهذا قولٌ ضعيف عند أهل العلم، والمسألة مبسوطة بالتفصيل في الكتاب الذي أشرت إليه، وعلى كل حال المسألة طويلة الذيول، ولن تنحسم بكلامٍ يسير، فلا شك أن قول الجمهور -جمهور العلماء- له قيمته، وله وزنه، لكن إذا نظرنا إلى حججهم وما أدلوا به، وما احتج به لهم لا يسلم من أخذ ورد، ولذا كان المرجح عند صاحب الكتاب المذكور أنه لا يعمل بالضعيف مطلقاً؛ لأن الفضائل من الأحكام، وإذا قلنا: بأن الفضائل التي أمرها أيسر من تفسير كلام الله -سبحانه وتعالى- بحديثٍ يغلب على الظن عدم ثبوته، أو قراءة آية فإذا كانت الآية لا تثبت إلا بما تواتر عند بعضهم أو صح سنده عند قومٍ آخرين فلئلا تثبت بالضعيف من باب أولى.