يقول الحافظ -رحمه الله تعالى¬¬-: "المعلل من الحديث" والمعلل لا يوجد في كتب اللغة بالمعنى الذي يريده المؤلف ومن قبله، وإن كان أهل الحديث يطلقون المعلل والمعلول، وكذلك الأصوليون يطلقون أيضاً العلة والمعلول، وأيضاً المتكلمون، لكن لا يوجد معلل وعلله إلا بمعنى ألهاه بالشيء وشغله به، من تعليل الصبي بالطعام، والأولى أن يقال: معل، عله فهو معل، وأما معلول فهو موجود في كلام كثيرٍ من المحدثين والأصوليين والمتكلمين أيضاً.

قال ابن الصلاح عن ذلك: إنه مرذول، مرذول، وقال النووي: لحن، وقال الحريري: لا وجه لهذا الكلام البتة، وقال ابن سيده: "لست منها على ثقةٍ ولا ثلج" يعني ليس مرتاحاً منها، فالأولى أن يقال في ذلك: معل، يرى بعضهم أن استعمال معلول لا بأس به؛ لأنه وجد في عبارات أهل الفن، ولا يلتبس بغيره، معناه واضح ومعروف، فلا مانع من استعماله، لكن المرجع في ذلك اللغة، الشيء الذي لا يوجد له أصل في لغة العرب ينبغي أن لا يطرق.

نعم، إن أمكن توجيه كلام أهل العلم على وجهٍ يصح لغةً فلا بأس، على كل حال الحديث المعل هو الحديث الذي طلع فيه على علة تقدح في صحته، مع أن ظاهره السلامة منها، فالعلة سببٌ خفي يقدح في صحة الخبر مع أن ظاهر الخبر السلامة من هذه العلة، فالناظر في بادئ الأمر يرى أن الحديث لا إشكال فيه، لكن النقاد الخبير الجهبذ يقف على العلة التي لا يقف عليها غيره.

ولذا يقول الحافظ ابن كثير -رحمه الله-: "وهو فنٌ خفي على كثيرٍ من علماء الحديث. " نعم، لم يتصدى لهذا الفن أو لهذا النوع من هذا العلم إلا القليل النادر من الجهابذة الحفاظ الكبار، حتى قال بعض حفاظهم: "معرفتنا بهذا كهانة عند الجاهل"، وهذا شيءٌ مشاهد، أن من اعتنى بشيء اطلع على أسراره وخفاياه، بحيث لو تكلم به عند من يجهل ولم تكن له مثل هذه المعرفة ترى ما هو بالسفه طالبه بالدليل ولم يجد.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015