"وليس من ذلك أن يروي الثقة ما لم يروِ غيره"، يعني كما قال الحاكم، "بل هو المقبول إذا كان عدلاً ضابطاً حافظاً، فإن هذا لو رُد لردت أحاديث كثيرة من هذا النمط، وتعطلت كثيرٌ من المسائل عن الدلائل" لأنه لا يوجد لها من الأدلة إلا ما كان من هذا النوع، كيف وقد بنيت القواعد والأصول على حديث: (الأعمال بالنيات) وهو حديث فرد؟ يعني لو رد هذا الحديث قاعدة: الأمور بمقاصدها، النية شرط للعبادات كلها، فكيف نقول: إن حديث: (الأعمال بالنيات) شاذ لتفرد راويه؟ لا شك أن إطلاق الشذوذ وجد بإزاء التفرد، لكن إذا قلنا: إن الشذوذ لا يعني الضعف فالأمر فيه سعة، وإذا قلنا: إن الشاذ من قسم الضعيف فلا بد من قيد المخالفة، وأما إذا كان المنفرد به غير حافظ، وهو مع ذلك عدلٌ ضابط فحديثه حسن، فإن فقد ذلك فمردود، فابن الصلاح له تفصيل في التفرد مع عدم المخالفة، التفرد مع عدم المخالفة فصل فيه ابن الصلاح، إن كان عدلاً ضابطاً متقناً فحديثه صحيح، وإن خف ضبطه وقرب من الضابط ففرده حسن، وإن بعد عنه بعد عن حد الضبط والإتقان فهو شاذ، ولذا يقول الحافظ العراقي -يرحمه الله تعالى-: "واختار" من؟ ابن الصلاح.
واختار في ما لم يخالف أن من ... يقرب من ضبطٍ ففرده حسن
أو بلغ الضبط فصحح أو بعُد ... عنه فمما شذ فاطرحه ورُد
"واختار" وما يدرينا أن المراد به ابن الصلاح لأنه ما ذكر الفاعل؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟ المقدمة، ماذا يقول؟
كقال أو أطلقت لفظ الشيخ ما ... أريد إلا ابن الصلاح مبهما
كقال، إذا قال: قال، ومثله: اختار، كل هذا يدل على أن المراد ابن الصلاح، وبيّن الحافظ العراقي اصطلاحه في مقدمته، نعم.
"النوع الرابع عشر: المنكر، وهو كالشاذ إن خالف راويه الثقات فمنكر مردود, وكذا إن لم يكن عدلاً ضابطاً وإن لم يخالف فمنكر مردود، وأما إن كان الذي تفرد به عدلاً ضابطاً حافظاً قبل شرعاً, ولا يقال له: منكر, وإن قيل له ذلك لغة".