فاشتغل العلماء ببيان ذلك، وصنف الخطيب البغدادي كتابا في بيان ذلك، اسمه: "الأسماء المبهمة في الأنباء المحكمة" هذا الكتاب مطبوع، وابن كثير -رحمه الله- عقب على هذا النوع بأنه قال: "فن قليل الجدوى بالنسبة إلى معرفة الحكم من الحديث، ولكنه شيء يتحلى به كثير من المحدثين وغيرهم ".

هذه العبارة فيها نوع قسوة، هو مفيد حتى في استنباط الحكم من الحديث، لماذا هو مفيد؟

مفيد لمعرفة: هل هذه الواقعة لواحد أو لاثنين؛ لأنه أحيانا يختلف التوجيه أو يكون اختلاف في المعنى، فيبحث المجتهد حتى من جهة الحكم في معرفة هل هذه القصة لواحد أو لاثنين أو لثلاثة؟.

مثل قصة ذي اليدين وغيرها، وهذا أمر مهم.

وكذلك يستفيد منه أيضا في دراسة الأحاديث والحكم عليها؛ لأن بعض المحدثين إذا اختلفت الأسانيد يقول: هذا يحمل على أي شيء؟ على تعدد القصة.

وقال: أحيانا الناظر في الحديث من جهة إسناده قد يتبين له أن القصة واحدة وقع فيها اختلاف في الإسناد، وهذا قول ابن كثير -رحمه الله-: "قليل الجدوى" يعني فيه … لكن هو يستفاد منه، مثلا لو أخذت قصة المستحاضة، ورد عدد من الأسماء المستحاضات وبينهما اختلاف في الحكم، فمعرفة: هل المستحاضة واحدة أو اثنتين أو ثلاثة؟ تفيد في رد بعض ألفاظ الأحاديث إلى بعض متى عرف أن القصة واحدة لم تتكرر.

فهذه فائدته من جهة الحكم، وله فائدة من جهة الأسانيد أيضا والتعليل، كثيرا ما يعلل به المحدّثون أو كثيرا ما يستفيد منه المحدّثون والباحثون في التعليل أيضا في تصحيح الحديث وتضعيفه.

أما القسم الثاني: فلا شك في فائدته التي هي الإبهام في الإسناد، أحيانا يقولون: عن رجل، يأتي معرفا، يعرف من هو؟ لتعرف درجته، هل هو ثقة أو ضعيف؟ وقد ألف فيه العلماء أيضا ولأبي زرعة، إذا قيل: أبو زرعة، من هو؟ هو الرازي، لكن هذا أبو زرعة العراقي، متأخر ولد العراقي المعروف، يقال له: ابن العراقي له كتاب اسمه "المستفاد من معرفة المبهمات في المتن والإسناد" كتاب لخص به الكتب التي قبله، كتاب الخطيب وجمع بين المبهم في المتن والمبهم في الإسناد. نعم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015