وقد حدث آخرون بعد استكمال مائة سنة، منهم الحسن بن عرفة، وأبو القاسم البغوي، وأبو إسحاق الهجيمي، والقاضي أبو الطيب الطبري أحد أئمة الشافعية، وجماعة كثيرون، لكن إذا كان الاعتماد على حفظ الشيخ الراوي، فينبغي الاحتراز من اختلاطه إذا طعن في السن، وأما إذا كان الاعتماد على حفظ غيره وخطه وضبطه، فها هنا كلما كان السن عاليا كان الناس أرغب في السماع عليه، كما اتفق لشيخنا أبي العباس أحمد بن أبي طالب العبسي الحجار، فإنه جاوز المائة محققا، سمعه الزبيدي من سنة ثلاثين وستمائة صحيح البخاري، وأسمعه في سنة ثلاثين وسبعمائة، وكان شيخا كبيرا عاميا لا يضبط شيئا، ولا يتعقل كثيرا من المعاني الظاهرة، ومع هذا تداعى الناس إلى السماع منه عند تفرده عن الزبيدي، وسمع منه نحوا من مائة ألف، أو يزيدون. قالوا: وينبغي أن يكون المحدث جميل الأخلاق حسن الطريقة صحيح النية، فإن عزبت نيته عن الخير، فإن عزبت عن الخير فليسمع، فإن العلم يرشد إليه، قال بعض السلف: طلبنا العلم لغير الله، فأبى أن يكون إلا لله، وقالوا: لا ينبغي أن يحدث بحضرة من هو أولى سنا أو سماعا، بل كره بعضهم التحديث لمن في البلد أحق منه، وينبغي له أن يدل عليه، ويرشد إليه، فإن الدين النصيحة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015