كالأقحوان غداة غبِّ سمائه جفَّت أعاليه وأسفلهُ ندي
ومن شعر طرفه في هذا المعني:
وتبمس عن ألمي كأنّ منورِّراً ... تخلَّل حرَّ الرَّمل دعص له ندي
سقته إياه الشمس إلاَّ لثاته ... أسفَّ ولم تكدم عليه بإثمد
أي: تضحك عن ثغر ألمي اللثات، أي: أسمر اللثات، وقوله: كأن منوراً، أي: كأن به منوراً، فأضمر الخبر لأنه مفهوم، واراد بالمنور أقحوانًا قد ظهر نوره، فشبه بياض الثغر ببياض نور الأقحوان، وقوله: تخلل حر الرمل، أي، توسطه ونبت بينه، وذلك أنعم لنبته ونوره، وحر الرمل: أكرمه وأحسنه لونًا، والدعص: كثيب من الرمل ليس بكبير، وقوله: له أي: للمنور، والندي: الذي في أسفله الماء، وإذا كان كذلك تنعم الأقحوان وصفاً لونه، وإياه الشمس: ضوؤها وشعاعها، وقوله: أسف، أي: ذر على لثاته الإثمد، واراد: أسف بإثمد، ولم تكدم عظمًا فيؤثر في ثغرها ويذهب أشره، أي: تحديده، والكدم: العض، وقوله: سقته، أي: سقت الثغر، والمعني: أحسنته وبيضته، وهذا مثل، وإنما أراد أن ثغرها أبيض براق، ولثانها سمر، فاشتد لسمرتها بياض الثغر، ومن شعر طرفة أيضًا:
وإذا تضحك تبدي حبباً ... كرضاب المسك بالماء الخصر