وكانت تعظه فلا يتَّعظ، فقالت:
حذار بنيَّ البغي لا تقربَّنه ... حذار فإنَّ البغي وخم مراتعه
وعرضك لا تمذل بعرضك إنَّني ... وجدت مضيع العرض تلحى طبائعه
وكم قدر رأينا الدهر غادر باغيًا ... بمنزله ضاقت عليه مطالعه
فلم يزل به شرُّه حتى وثب على ابن عمّ له، فحطأ به ابن عمه الأرض فدقَّ عنقه فمات. فقالت كالشامتة:
مازال ذو البغي شديدًا هبصه ... يطلب من يقهره ويهصه
ظلمًا وبغيًا والبلاء ينشصه ... حتى أتاه قرنه فيقصه
فقاد عنه خاله وعرصه
انتهى ما أورده المرزباني. ونسب السيوطيُّ ما نقلناه عن المرزباني إلى ثعلب في "أماليه" وقد راجعتها مرارًا فلم أجد شيئًا من ذلك فيها مع أن نسختي "أمالي ثعلب" نسخته وعليها خطُّه بالملكيَّة وغيرها، والله تعالى أعلم.
وقد روى أبو تمَّام هذه الأبيات الثلاثة في "حماسته" مع قطعة جيدة من شعر أمَّه تأمره بترك طلاق زوجته، وصبره على جورها حتى يقضي الله تعالى بموتها، وكانت قبل أن يتزوجها نهته عنها فغضب، وهجاها بتلك الأبيات. وذكر اسم النحيف قال: هو سعد بن قرط أحد بن جذيمة، وكأبي تمام صنع الأعلم في "حماسته" وقد نقلت ما أورده أبو تمام وشرحته في الشاهد التسعمائة من شواهد المحقق الرضي، وهنا اقتصرنا على رواية المرزباني.