قال فيها: يعني الأتن، وجعل ما فيها من البياض بلقا، والتوليع في البقر وغيرها: خطوط من بياض، يقال: بقر مولعة، والبهق: نوع من البرص إلا أنه أخف منه، وقوله: كأنه ... وحد الضمير بعد قوله: فيها خطوط، لأنه حمله على الجنس، كما قال الراجز
مثل الفراخ نتفت حواصله
وفي الكتب العزيز بعد ذكر الأنعام: (نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهِ) [النحل/66]، ومنه قول الراجز:
وطاب ألبان اللقاح وبرد
انتهى. وأقول: قوله من سواد وبهق، بيان للخطوط، يريد أن بعض الخطوط من سواد بحت، وبعضها من سواد يخالطه بياض، فالتقابل بين سوادين، وجملة كأنه في الجلد ... إلخ، صفة للخطوط أو اللسواد، والبلق، والرابط الضمير تأويله باسم الإشارة، واسم الإشارة مؤول بالمذكور ونحوه، وإنما لم يؤول بالمذكور ابتداء، لأن التأويل قد كثر في اسم الإشارة كما نقله المصنف وغيره عن أبي عبيدة، وتأويل اسم الإشارة بالمذكور إذا خالف المشار إليه جعله علماء التفسير والعربية قانونا يرجع إليه عند الاحتياج، وخرجوا عليه آيات منها قوله تعالى: (ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا) [البقرة/6]، بإفراد اسم الإشارة، مع أن المشار إليه شيئان: الكفر والقتل، وأوردوا هذا البيت نظيرا له، وزعم ابن جني في "المحتسب" أنه لو قال قائل: إن الهاء في كأنه عائدة على البلق وحده، لكان مصيبا، لأن في البلق ما يحتاج إليه من تشبيهه بالبهق، فلا ضرورة إلى إدخال السواد معه. انتهى. وفيه أن المحدث عنه هو الخطوط وهي المشبهة بالبهق، فإما أن يرجع الضمير إلى المبين الذي هو المحدث عنه، أو إلى البيان بتمامه، وأما إرجاعه إلى بعض البيان، فيلزم تشبيه بعضه دون