"ولا ناعب" "على مصلحين"، فإنه إنما جر لتوهم أن الشاعر قال: "بمصلحين" من حيث أن المحل صالح للباء، وأما العطف على المعنى، فلابد فيه من تأويل الكلام المعطوف على بعض بكلام آخر يصح معه العطف، كما رأيت من تاويل لن ترى: بلست براء، وتأويل لم يكثر لبيس بمكثر، هكذا كنت أظن، والشيخ قد جعل ما في الأبيات المذكورة من العطف على التوهم، ولا يمتنع أن يقال: قائل لن ترى أنه قال: لست براء، وقائل لم بكثر أنه قال: ليس بمكثر، لكن قد وقع في عبارات النحويين أن ما وقع في نحو هذه الأبيات عطفغ على المعنى، أي: على الكلام لا على لفظه، ولم يقولوا في نحو "ولا ناعب" بعد "ليسوا مصلحين" إنه عطف على المعنى، بل قالوا: عطف على الوتهم على أنه لا يتحقق فيه أنه عطف على المعنى إنما هو عطف على اللفظ باعتبار صفة سصح تلبسه بها، انتهى كلامه.
وهذا مبني على تفسير الحلقد بالسيء الخلق، وليس بمتعين، فإن هذه الكلمة لنم ترد في شعر العرب إلا في هذا البيت، وقد يختلف أهل اللغة في تفسيرها على عدة أقوال حكاها الصاغاني في "العباب" وهذا كلامه: أبو عبيد، الحلقد: الضيق الخلق البخيل، ويقال: الضعيف، ويقال الأثمن قال زهير بن أبي سلمى يمدح هرم ابن ستان المري:
تقي نقي لم سكثر غنيمة ... . . . . . البيت.
وقال الأصمعي: الحلقد في قول زهير: الحقد والعداوة، وقال معمر: القول ما قال أبو عبيد إنه الآثم قال، وقول الأصمعي ضعيف، ورراه ابن الأعرابي بالفاء، وقال أبو هيثم: هو باطل، الرواة مجمعون على أنه بالقاف، وقال ابن فارس: اللام في الحلقد للبخيل زائدة وهو من أحقد القوم: إذا لم يصيبوا من المعدن شيئاً، وكذلك الآثم قال: وفيه قياس من الحقد. انتهى كلام صاحب العباب.