وقد عقد ابن جني لهذا باباً في أواخر "الخصائص" قال في "باب الاستخلاص من الأعلام معاني الأوصاف": منذ لك ما أنشدناه أبو علي من قول الشاعر:
أنا أبو المنهال بعض الأحيان ... ليس علي حسبي بضؤلان
أنشدنيه ونحن في دار الملك، وسألني عما يتعلق به الظرف الذي هو "بعض الأحيان" فخضنا فيه إلى أن برد في اليد من جهته أنه يحتمل أمرين، أحدهما: أن يكون أراد: أنا مثل أبي المنهال، فيعمل في الظرف على هذا معنى التشبيه، أي: أنا أشبه أبا المنهال في بعض الحيان، والآخر أن يكون قد عرف من أبي المنهال هذا الغناء والنجدة، فإذا ذكر فكأنه قد ذكر، فيصير معناه إلى أنه كأنه قال: أنا المغني في بعض الأحيان، أو أنا المنجد في بعض تلك الأوقات، أفلا ترى كيف انتزعت من العلم الذي هو "أبو المنهال" معنى الصفة والفعلية؟ ! ومنه قولهم: "إنما سميت هانئاً لتهنأ .. إلى آخر ما ذكره من الأمثلة.
ومقتضى كلامهما أن أبا المنهال ليس صاحب الرجز، وليس كذلك، بل هو صاحب الرجز، وهو من رجز أورده له العلامة ابن بري في "أماليه" على "صحاح الجوهري" في مادة: "أين" قال هناك؛ وقال أبو المنهال:
حدبدبا بدبدبا منكم لان ... إن بني فزارة بن ذبيان
قد طرقت ناقتهم بإنسان ... مشنأ سبحان ربي الرحمن
أنا أبو المنهال بعض الأحيان ... ليس علي حسبي بضؤلان
والمنهال: الرجل الكثير الإنهال، والمنهال: الغاية في السخاء، فيكون الشاعر كنى نفسه بأحد هذين المعنيين، ثم اشتهر بهذه الكنية، وذكر الكنية عند العرب للتمدح والافتخار كقوله: