امتَخطْ وتمَخَّطْ، أي: استنثر، والسّمن، بسكون الميم، وفتحهَا هنا للضّرورة، والأقط: اللّبن المخيض، يطبخ ثمَّ يترك حتى يمصل، وهذا يدل على دنسه وخسّته، وضمير بينهم إلى قوم حسّان، وأسعى بينهم: أتردّد إليهم، وألتبط، أي: أعدو، يقال: التبط البعير، إذا عدا فضرب بقوائِمه الأرض، وتلبّط: اضطجع وتمرَّغ، وروي بدله: "وأختبط" أي: أسأل معروفهم من غير وسيلة، وهذا يدل على كمال شحّهم، حيث كان عندهم ضيفًا لم يطعموه حتى احتاج أن يتعرَّض لمعروفهم. وقوله: حتى إذا، هو غاية لقوله: أسعى بينهم وألتبط، وروي:

حتى إذا جَنَّ الظَّلَامُ واخْتَلَطْ

أي: ستر الظّلام كلَّ شيء. وصفهم بالشّحَ وبالغ في أنهم لم يأتوا بما أتوا به إلَّا بعد سعي ومضيّ جانب من اللّييل، ثمَّ لم يأتوه إلَّا بلبن أكثره ماء. وهذا الرّجز قيل للعجاج، والله أعلم.

وأنشد بعده، وهو الإنشاد الرّابع بعد الأربعمائة:

فَلَا الجَارَةُ الدُّنْيَا لَهَا تَلْحَيَنَّهَا

عجزه:

ولَا الضّيفُ مِنْهَا إِنْ أَنَاخَ مُحَوَّلُ

على أنَه شبّهت "لا" النّافية بلا النّاهية، فأكّد الفعل بعدها، قال أبو حيّان في "التذكرة": قيل: إنَّ النّون جاءت لأنّه أراد النّهي، وقيل: بل هو خبر صحيح وجاءت ضرورة.

والبيت من قصيدة للنّمر بن تَولب الصّحابيَ، ومطلعها:

تَأبّدَ مِنْ أطْلَالِ جَمْرَةَ مأسَلْ ... فَقَدْ أقْفَرَتْ مِنْها شَراءٌ ويَذْبُلُ

إلى أن قال بعد ستة أبيات تتعلّقُ بالأماكن:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015