لقدْ نهيْتُ بني ذُبْيانَ عنْ أُقُرِ ... وَعَنْ تَرَبُّعِهِمْ في كُلِّ أَضْفارِ
وقُلتُ يا قَوْم إنَّ الليثَ مُنقبِضٌ ... على براثِنِهِ لِعَدْوِهِ الضَّارِي
لا أعْرِفَنْ رَبْرَبًا حُورًا مَدامِعُها ... كأنهُنَّ نِعَاجٌ حَوْلَ دُوَّارِ
ينظُرْنَ شَزْرًا إلى مَنْ جاءَ عن عُرُضٍ ... بأوْجُه مُنْكِراتِ الرِّقِّ أحْرارِ
خَلفَ العضَارِيط مِن عُوذى ومِن عَممٍ ... مُرَدَّفاتٍ على أحناءِ أكْوارِ
يُذْرِينَ دَمْعَ مَزَادٍ دَمْعُها دِرَرٌ ... يَامُلْنَ رِحْلَةَ حِصْنٍ وابنِ سَيَّارِ
وقوله: لقد نهَيْتُ .. الخ، أُقُر، بضم الهمزة والقاف: جبل، وذُو أُقُرٍ: وادٍ لبني مرّة إلى جنب أقر، يقول: نهيتهم عن تربّعهم إيّاه في كلّ أصفار، وهو جمع صفر، وكان صفر يومئذٍ في الرَّبيع، ألا تراه يقول: عن تربّعهم، فالتربّع لا يكون إلَّا في الرَّبيع. وقال أبو عبيدة: أصفار حين يتصفّر المالِ، ويتربّل الشجر، ويبرد اللّيل، وذلك آخر الصّيف. انتهى. فعلى الأوَّل: أصفار، بفتح الهمزة، وعلى الثّاني بكسرٍ: مصدر أصفر.
وقوله: وقلت يا قوم .. الخ، منقبض: مجتمع مستعدّ للوثوب، كما ينقبض الأسد إذا أراد أن يثب لعدوه، أي: لوثبه، وما أحسن قول بعضهم:
وما الدَّهرُ في حالِ السُّكونِ بساكنٍ ... ولكِنَّهُ مُسْتَجْمِعٌ لِوُثُوبِ
والضّاري: المتعوّد للصَّيد. وقوله: لا أعرفَنْ رَبرَبًا .. الخ، الرَّبْرَب: القطيع من البقر؛ شبّه نِساءهم بها. حُورًا مدامعها، أي: عيونها حور من الحَوَر، بفتحتين، وهو شدَّة سواد الحدقة في شدَّة بياض البياض. والنَعاج: ودوّار: نسك كان في الجاهليّة يدار حوله، وقال أبو عمرو: دوّار: صنم تدور حوله الجواري والنّساء، فيقول النّسوة إذا سبين في جمعهنَّ في موضع، فشبّههنَّ بالنّساء حول دوّار. وروى أبو عبيدة والأصمعي وابن الأعرابيّ:
كأنَّ أبْكارَها نعاج دوّار
وقوله: ينظرن شزْرًا: هو نظر بغضب، وعُرض، بضمّتين: الاعتراض قال أبو عمرو: هنَّ أحرار، فلمّا سبين أنكرن الرّقّ.