وترجمة النابغة الذبياني تقدَّمت في الإنشاد الثالث والعشرين.
(286) لولا الحياء وأنَّ رأسي قدعسا ... فيه المشيب لزرت أمَّ القاسم
على أنَّ "عسا" هنا بمعنى اشتدَّ لا عسى الجامدة، قال صاحب "الصحاح": عسا الشيء يعسوا عسوًّا، وعساء بالمد، أي: يبس وصلب، وعسى الشيخ يعسو عسيًا: ولى وكبر، قال الأحمر: عست يده تعسو عسوًا: غلظت من العمل، وكذا في "تهذيب الأزهري" وزاد صاحب "القاموس" وعسا الليل: اشتدت ظلمته. وجميعه لا مناسبة له بالبيت، والرواية الثانية: "وقد عثا" بالمثلثة، أي: أفسد، قال صاحب "الصّحاح" عثا في الأرض يعثو: أفسد، وكذلك عثي بالكسر يعثى، وقال تعالى: {ولا تعثوا في الأرض} [البقرة / 60]. انتهى. وكذلك أورده الثعلبي شاهدًا للآية الشريفة، وكذلك أنشده الشريف الحسيني في "حماسته" والأصبهاني في "الأغاني" ورواه ابن السكيت في "ديوان ابن الرقاع": "وأنَّ رأسي قد علا فيه المشيب" وقال: وروي "وقد عثا" وأنشده أبو حيان في "البحر" عند الآية المذكورة، قال: العثو ةالعثي: أشد الفساد، يقال: عثا يعثو عثوًا، وعثي يعثى عثيًا: لغة شاذة، قال الشاعر: لولا الحياء .. البيت. وثبوت العثي دليل على أن عثي ليس أصلها عثو، كرضي الذي أصله رضو، خلافًا لزاعمه. انتهى.