قوله: " الله كبر " إلى آخره مَقولُ القَول؛ ومعنى " الله أكبر " أي:
أكبر من كل شيء، وقد عرف أن أفعل التفضيل لا يستعمل إلا بأحد
الأشياء الثلاثة: الألف واللام، والإضافة، و " مِن "؛ وقد يستعمل
مجردا عنها عند قيام القرينة كقوله تعالى: (يَعلمُ السِّرَّ وأخفَى) (?)
أي: أخفى من السِّرّ، ومنه " الله أكبر "، وقد ذكرنا مرةً أن " أن " في
" أشهدُ أن " مخففة من مثقلة، وأن " إلا " بمعنى " غير ".
قوله: " حيّ على الصلاة " أي: أسرِعوا إليها وهلموا وأقبلوا وتعالوا،
وهو اسم لفعل الأمر، وفتحت الياء لسكونها وسكون ما قبلها؛ كما قيل
ليتَ، ولعلَّ، والعربُ تقول: حيَّ على الثريد. " والفلاح ": النجاة.
قوله: " ثم استأخر عني " استأخر مثل تأخر، أي: تأخر عني؛ وليس
السين فيه للطلب؛ وفيه دلالة على أن الإقامة تكون في غير موقف الأذان
مستحبةً.
قوله: " قد قامت الصلاة " أي: قد قربت وحانت؛ لأن " قد " فيها
للتقريب.
قوله: " إنها " أي: الرؤية التي رأيتها " لرؤيا حق " يعني: من الله
تعالى؛ والرُّؤيا على وزن فُعلى بلا تنوين؛ يقال: رَأى في منامه رؤيا؛
وجمع الرؤيا: رُؤًى بالتنوين مثل (?) رُعًى؛ وإنما قال: " إن شاء الله "
للتبرك؛ كقوله تعالى: (لَتَدخُلُنَّ المسجِدَ الحرامَ إِن شَاءَ الله) (?) .
/قوله: " فإنه أندى صوتَا منك " أي: أرفع وأعلى، وقيل: أحسن
وأَعذب، وفيل: أبعد، وهو أفعل من النَدَى- بفتح النون وبالقَصر-
وهو بمعنى الغاية، مثل المَدى، والنَدَى- أيضا- بعد ذهاب الصوت.
وفيه دليل على أن من كان أرفع صوتا كان أولى بالأذان؛ لأنه إعلام،
فكل من كان الإعلام بصوته أوقع كان به أحق وأجدر.