رطبتين، وليس لليابس تسبيح، وهذا مذهب جماعة من المفسرين في
قوله تعالى: (وإن مّن شيء إلا يُسبحُ بحمْده) (?) ، وقالوا: معناه:
وإن من شيء حي، ثم قالوا: حياة كل شيء بحسبه، فحياة الخشب ما
لم ييبس، والحجر ما لم يُقطع، وذهب المحققون من المفسرين وغيرهم
إلى أن الآية على عمومها، ثم اختلفوا، هل تسبيح حقيقي؟ أم فيه دلالة
على الصانع فيكون مسبحاً منزهاً بصورة حاله؟، والمحققون على أنه
تسبيح حقيقي، وقد أخبر الله تعالى: " وإن من الحجارة (?) لما يهبط من
خشية الله ".
فإن قيل: فعلى قولهم ما يكون فائدة قوله: " بعسيب رطب؟ " قلت:
ليس ذلك من أجل أن في الجريد الرطب معنى ليس في اليابس، بل
لأجل التبرك بأثر النبي- عليه السلام- ودعائه بالتخفيف، فكأنه جعل
مدة بقاء النداوة فيهما حدا لما وقعت به المسألة من تخفيف العذاب. ويستفاد
من هذا الحديث فوائد: الأولى: إثبات عذاب القبر خلافاً للمعتزلة:
الثانية: إثبات نجاسة الأبوال.
الثالثة: إثبات غلظ تحريم النميمة.
الرابعة: إثبات انتفاع الميت بتسبيح غيره، ولهذا استحب العلماء قراءة
القرآن عند القبر؛ لأنه إذا كان يرجى التخفيف لتسبيح الجريد، فبتلاوة
القرآن أوْلى " (?) .